ثم يبقى بعد ذلك السؤال ...
من الذي أصبح يحكم هذه الأجهزة البلهاء ... إلى أي مدى أصبحت تديرها «الجماعات» وهو سؤال أشفق على الدكتورة أمال عثمان من مواجهته؛ لكنني أدعوها أن تفعل.
فهي بالنسبة لي نموذج لنجاح المرأة في المناصب الكبرى، ونجاحها ينصف موقفي من المرأة عموما، وسيؤلمني كثيرا أن تقفل عينيها عن مثل هذه الفضيحة في وزارتها، وأن يخرج علينا غدا من يعيرنا قائلا: هذه وزيرتكم ضحكوا عليها، ولا يفلح قوم ولوا أمورهم امرأة!
مع خالص حبي، وتأييدي واحترامي للدكتورة أمال عثمان!
صلاح حافظ
لم تسفر هذه الحملة الصحفية عن شيء، كما أن القضية العاجلة التي رفعناها بالمحكمة الإدارية لم تسفر عن شيء؛ لقد قررت الحكومة المصرية إغلاق جمعية تضامن المرأة العربية، وكانت وزيرة الشئون الاجتماعية أمال عثمان تنتظر هذه الفرصة منذ أصدرت قرارها بتسجيل الجمعية عام 1985.
لم تدخل صديقتي سامية تضامن المرأة منذ إنشائها، لم تكن تؤمن بتضامن النساء داخل تنظيم خاص بهن، فقط تؤمن بالحزب السياسي ومشاكل العمال والفلاحين. ثم تغيرت سامية وأصبحت ترأس جمعية نسائية وتتحدث عن النظام الأبوي والختان والعنف ضد النساء حتى حصولها على وسام الختان. ثم سرعان ما انقلبت على نفسها حين تغيرت موازين الحكومة، وبدأت تعلن أنها لم تتكلم على الختان أو ذلك الشيء الهامشي في حياة النساء وهو الجنس، إنها فقط معنية بمشكلات الفقر ومحو الأمية بين النساء.
أصبحت هذه هي النغمة الجديدة السائدة في مصر خلال هذا العام 2000، أصبحت زعيمات الجمعيات النسائية يهرولن إلى مؤتمرات المرأة، ينطقن كلمة «الفقر» بالطريقة ذاتها التي تنطقها الحكومة، وفي المساء يحضرن حفل العشاء الفاخر على ضفاف النيل، تلتهم الواحدة منهن فخذة خروف مشوية، مع رشفات من الكأس البلوري، وترن كلمة «الفقر» في الجو عارية كالعورة.
وفي أغسطس 1997 بعد عودتي من المنفى، كنت أسير في شارع قصر العيني حين التقيت وجها لوجه بصديقتي سامية. كانت واقفة عند ناصية الشارع، حيث كانت تعمل في الصيدلية القديمة هي وزوجها رفاعة. اختفت الصيدلية وانتصب مكانها مبنى كبير تعلوه يافطة لامعة: الشركة التجارية العالمية، مكتب الاستيراد والتصدير. وأدركت أن سامية أصبحت تملك شركة خاصة مع زوجها، أصبح الاثنان من كبار رجال الأعمال في مصر، يتاجران بالعقاقير والكيماويات وحبوب منع الحمل، وحبوب إعادة الشباب وتنشيط القوى الجنسية لدى الرجال، ومنها حبوب الفياجرا وحبوب جديدة لم تنزل السوق بعد. - خلاص يا سامية بقينا نعيش في دولة رجال الأعمال؟! - ونساء الأعمال يا نوال، يعني نسيب الرجالة ياخدوا كل حاجة؟! لازم يكون فيه مساواة! واحنا في عصر العولمة، العالم كله مع العولمة إلا أنت يا عزيزتي!
ضحكت سامية ضحكة قصيرة ساخرة، ثم مطت شفتيها الرفيعتين، وقالت: أنا شركتي صغيرة بالنسبة لشركة صاحبتك بطة، عارفة رأسمالها كام؟! وكمان جوزي رفاعة مشاركني فيها، لكن بطة عاملة شركة لوحدها وجوزها حمدي عنده شركة لوحده. - وبطة تتاجر في إيه يا سامية، حبوب الفياجرا برضه؟! - الفياجرا سوقها واقف يا نوال، رجل عجوز عنده تسعين سنة بلع الحبوب ومات بالسكتة القلبية، اسمه معروف، كتبت عنه الصحف، ومن يومها حصل هبوط كبير في المبيعات. - بطة أخبارها إيه؟ بتشوفيها يا سامية؟ - طبعا، بنتقابل دائما في مؤتمرات رجال ونساء الأعمال مع الوزراء والمسئولين، لكن بطة من نساء الأعمال الشاطرين أوي يا نوال. - تتاجر في إيه يا سامية؟ - عاملة مصنع كبير لملابس المحجبات، شوبينج سنتر كبير في الدقي للزي الإسلامي والجلاليب الفلاحي والقلل والفخار والتحف والآثار القديمة، وعندها مجلة مهمة أوي بتدافع فيها عن تراثنا القديم والهوية الأصلية، والخصوصية الثقافية و...
Unknown page