والحكومة البوليسية هي حكومة مكروهة من العالم كله، وبعض الحكومات البوليسية تخفي «بوليسيتها» تحت ستار من المدنية والسرية، ولا تفعل ما تفعله وزارة الشئون الاجتماعية علنا وبلا خجل.
فقد سبق أن أخبرني وكيل تعليم من كليات الجامعات أنه فكر وعدد من زملائه الأساتذة في تأليف جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في إحدى عواصم الصعيد؛ فجاءهم خطاب مماثل تماما للخطاب الذي وصل السيدات اللواتي فكرن في تكوين جمعية تضامن المرأة.
والمؤسف حقا أن هذا التصرف الذي يصدر من وزارة ترأسها أستاذة للقانون هي الدكتورة أمال عثمان، وهي بحكم ثقافتها، ومهنتها وعلمها، تعرف الحكومة البوليسية، تعرف ما يقوله وقاله علماء القانون في استهجانها، والدعوة إلى وضع حد لخصائصها في كل بلد.
والطريف الذي يحول الأمر، في موضوع دس المباحث أنفها في نشاط الوزارات والمصالح الحكومية، إلى مهزلة مبكية ومأساة مضحكة، أن طلب وزارة الشئون الاجتماعية يقول: إن اقتراح منع التصريح بتكوين جمعية تضامن المرأة، صدر من إدارة البحث الجنائي لمكافحة جرائم الآداب العامة ... ومعنى ذلك بعبارة واضحة أن تصنيف النشاط الاجتماعي في وزارة الشئون الاجتماعية أضاف تأليف الجمعيات إلى إدارة تكافح الانحطاط الخلقي، وترويج الفاحشة والعمل على ممارستها، وهو شيء آخر يرينا العقلية التي يحكم بها على نشاط أصحاب الرأي والراغبين في الخدمة.
فبماذا ننصح السيدات اللواتي أردن أن يدافعن عن حقوق المرأة التي هي فرع أو ربما أصل لحقوق الإنسانية؟! أننصحهن بالكف عن هذه المحاولة الشريفة السامية، وأن يدعن مجتمعنا بلا محاولة لرفع مستواه؟!
أم ننصحهن بإنشاء جمعيتهن دون مراعاة قواعد القانون التي تحتم على من تسول له نفسه تكوين جمعية أن يعرض أمره على إدارة تكافح عيوب الآداب وآفاتها؟
إنه مصاب يبكي ويضحك، ولكن لا نجد له حلا، إلا أن ندعو الله أن يأخذ بيد هذا البلد، وأن نقول للسيدة أمال عثمان وزيرة الشئون الاجتماعية إنها لا تخدم السيد اللواء حسن أبو باشا الوزير المشرف على إدارة مكافحة جرائم الآداب العامة، ولا تتلقى منه الأوامر، بل إنها لا تخدم السيد رئيس الجمهورية، إنما هي تخدم القانون الذي تعلمته وأصبحت أستاذة فيه، وبفضل هذه الأستاذية اختيرت للوزارة، وأنها بسبب تبعيتها للقانون وانتسابها إلى أسرته يجب أن تراجع قواعد وأساليب العمل في وزارتها لتمنع صدور خطاب بهذه الصورة المؤذية الجارحة التي نقلنا صيغتها بالحرف الواحد، ولنمنع من باب أولى، صدور قرار مؤسف محزن كالقرار المانع من تكوين جمعية تضامن المرأة.
فتحي رضوان
وفي جريدة الجمهورية، وهي من أكبر الصحف الحكومية في مصر، كتب صلاح حافظ في 8 ديسمبر 1983 مقالا شديد اللهجة ضد منطق أمال عثمان وزيرة الشئون الاجتماعية، واعتبر خطابها الرسمي إلينا فضيحة للحكومة المصرية، وأنه لا يزال على مكتبه يلوثه.
وكتب صلاح حافظ يقول بالحرف الواحد:
Unknown page