170

Aqāwīl al-thiqāt fī taʾwīl al-asmāʾ wa-l-ṣifāt wa-l-āyāt al-muḥkamāt wa-l-mutas̱ābihāt

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

Editor

شعيب الأرناؤوط

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦

Publisher Location

بيروت

المعطلة ووقف على جادة السّلف
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن الْجَوْزِيّ فِي مَوضِع آخر رَأَيْت كثيرا من الْخلق وَالْعُلَمَاء لَا ينتهون عَن الْبَحْث عَن أصُول الْأَشْيَاء الَّتِي أمروا بِعلم جملها من غير بحث عَن حقائقها كالروح مثلا فَإِن الله تَعَالَى سترهَا بقوله ﴿قل الرّوح من أَمر رَبِّي﴾ الْإِسْرَاء ٨٥ فَلم يقنعوا وَأخذُوا يبحثون عَن ماهيتها وحقيقتها وَلَا يقعون بِشَيْء وَلَا يثبت لأَحَدهم برهَان على مَا يَدعِيهِ وَكَذَلِكَ الْعقل فَإِنَّهُ مَوْجُود بِلَا شكّ كَمَا أَن الرّوح مَوْجُودَة بِلَا شكّ وَكِلَاهُمَا إِنَّمَا يعرف بآثاره لَا بِحَقِيقَة ذَاته
قَالَ فَإِن قَالَ قَائِل فَمَا السِّرّ فِي كتم هَذِه الْأَشْيَاء قلت لِأَن النَّفس لَا تزَال تترقى من حَالَة إِلَى حَالَة فَلَو اطَّلَعت على هَذِه الْأَشْيَاء لترقت إِلَى خَالِقهَا فَكَانَ ستر مَا دونه زِيَادَة فِي تَعْظِيمه لِأَنَّهُ إِذا كَانَ بعض مخلوقاته لَا تعلم حَقِيقَته فَهُوَ سُبْحَانَهُ أجل وأعلا
وَلَو قَالَ قَائِل مَا الصَّوَاعِق وَمَا الْبَرْق وَمَا الزلازل قُلْنَا شَيْء مزعج وَيَكْفِي والسر فِي هَذَا أَنه لَو كشفت حقائقه لخف مِقْدَار تَعْظِيمه
قَالَ فَإِذا ثَبت هَذَا فِي الْمَخْلُوقَات فالخالق أجل وأعلا فَيَنْبَغِي أَن يُوقف فِي إثْبَاته على دَلِيل وجوده ثمَّ يسْتَدلّ على

1 / 214