آه! كم يجني حيائي! آه من شوق مضيع!
وعبادات تناهت فأبت لي كل مطمع!
ونحن لا نستطيع أن نستقصي بالدرس والتحليل كل ما قاله الشاعر في هذا الديوان من شعر الحب والوجدان، ويكفي أن نعرض عليك زهرات من رياض حبه الأول لتعرف أن الرجل كان يعاني لوعة حب صادق، وأنه كان يتفجر عن معين عذب سائغ، على حين كان كثرة معاصريه في الوقت ينحتون من الصخر شعرا فاترا، يتغزلون به في «ليلى» و«هند» و«دعد» و«الرباب» و«مي» دون أن ينبض قلبهم بحب أو يختلج بعاطفة!
ولكن لن نخرج من الكلام عن غزله حتى نختمه بموشح رائع، هو في الواقع مسك الختام، وفيه يتجلى لك مذهب أبي شادي الشعري واضحا قويا، وإنه ليدلنا دلالة واضحة على أن هذا المذهب ليس وليد الدراسة الجديدة أو وليد اليوم، ولكنه يرجع إلى مبدأ عهده بالشعر، فهو رسالة، كأنه أمر بتبليغها، مهما ناله في سبيلها. فاستمع إلى هذا الموشح «طاقة أنغام» تجد فنونا من المعاني الجديدة، كما تجد ولعه بكل ما هو فني وبكونه المليء بالمعاني التي غابت عن كوننا نحن:
إذا استمعت إليك
فتنت من توقيعك
كأن سمعي لديك
عيني بمجلى ربيعك
أصغي إلى هذه الألحان زاهية
كأنها نخب الأزهار للعين
Unknown page