Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Genres
كما تفنن البطال في استخدام البنج والمساحيق أو الشموع المنومة ليتصيد بها فرائسه في وضح النهار، بعد أن يبدأ الحديث معهم ومداعبتهم بلغاتهم التي أجادها نتيجة معاشرته إياهم، ولم يكتف بذلك، بل توصل إلى معرفة مشكلاتهم، ومحاولته اقتراح الحلول لها، وتقديم هدايا المشرق لهم التي كانت تستهويهم بألوانها وتصميماتها وزخارفها البهيجة الباهرة.
وقد ضمت مجموعة هداياه منسوجات دمشق ومصنوعاتها الخشبية والمعدنية، وكل ما هو مصنوع من الفضة والزجاج والسيراميك، فضلا عن الأرجوان وصور الحريري الأحمر، وأكداس الأحجار الكريمة من عقيق سليمان وياقوت وكهرمان حجازي، كذلك المنمنمات الإسلامية على هيئة أيقونات، وأغلفة
لذلك أغدقت ذات الهمة على البطال وأتباعه من العيارين العطاء؛ نظرا إلى أهمية خدماتهم المقدمة إلى جيش المسلمين، سواء ما تعلق منها بأدق المعلومات والخطط الغادرة ضد الجيش العربي، التي كان يبدع في وضعها الأعداء، أو جلب الأسرى من أبرز مهندسي أسلحة الحرب الجديدة ووسائلها وأسرارها الدفينة، من داخل معسكرات وورش صنع أسلحة الأروام المستمرة دائما في التقدم والتحسن لإحراز النصر السريع في مواجهة تقاليد الحروب العربية، التي تستلزم المواجهة والفروسية.
وهو ما لم يعد نافعا لإحراز النصر؛ نظرا لتطور الأسلحة الجديدة التي تعتمد أولا وأخيرا على عنصري المباغتة والحركة، دون أدنى اعتبار لتقاليد الفروسية والمنازلة وجها لوجه.
ومن هنا جاءت رغبة ذات الهمة في امتلاك زمام المبادرة من أيدي أعدائها كلما سنحت لها الفرصة في الاستحواذ على أسرار إنتاج سلاح جديد، سواء كان ناريا أو كيميائيا غازيا، يجيء به البطال كعادته إلى مضارب صديقه الوفي الذي أصبح ملازما له كظله، وهو الأمير عبد الوهاب مازحا متهكما كعادته: نجربه - بإذن الله - في جثثهم في المعارك المقبلة، ثم يقارب عبد الوهاب غامزا: سلاح لم ينزل بعد في أي سوق أو بازار.
وحين يكشف عن سلاحه الجديد لعبد الوهاب وذات الهمة يواصل هزله: كما ترون ... أرزاق.
وقد يضاعف من دهشتهم مصرحا: وهذا هو «المستر» أو «السنيور» المخترع بذاته، لكنه لم يفق بعد ... سكران من فجر الأمس على هذا الحال والمنوال. «ويضحك فرحا».
وقد يمضي ممازحا الأسير المخترع بلهجته، شارحا لعبد الوهاب وذات الهمة ما ينطق به الأسير: يقول إنه مبسوط شوية. •••
وما إن تحقق النصر لجيش المسلمين بقيادة ذات الهمة، وتم رفع الرايات والبيارق الخفاقة على معظم المدن والثغور المناوئة التي أعلنت العصيان والتمرد والتحدي لخليفة المسلمين قبل ذلك، حتى هرع على الفور ملوك الأروام وبطارقتهم طلبا للاستسلام والمهادنة على عتبات الخلافة.
وهي المهادنة التي رفضتها على الدوام ذات الهمة؛ بحجة عدم إعطاء الفرصة للأعداء لشحذ النصال من جديد.
Unknown page