89

وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله بالكتاب مع عبد الله بن حذافة، وكان من كراع أدم، فلما وقف عليه كسرى أبرويز قال لعبد الله: أعجز صاحبكم أن يكتب إلا في كراع ثم شققه، وقيل: حرقه بالنار، وعاد عبد الله بن حذافة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بجوابه، فقال صلى الله عليه وآله: ((مزق ملكه)) ثم بعث أبرويز كسرى كتابا إلى نائبه باليمن باذان، يقول له: أبعث رجلين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فليأتياني به، فبعث باذان جليسه بابويه وكاتبه، وبعث معه رجلا آخر يقال له جرجسره، وكتب معهما كتابا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمره بالمضي معهما إلى كسرى أبرويز فخرجا إلى المدينة، ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له بابويه: إن شاهان شاه ملك الملوك كسرى كتب إلى الملك باذان أمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وقد بعثني إليك لتنطلق معي، فإن أحببت كتبت فيك كتابا ينفعك، وإن أبيت فهو مهلكك ومهلك قومك.

فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: ((ارجعا حتى تأتياني غدا))، وأتى الخبر من السماء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن الله سبحانه سلط على أبرويز ابنه فقتله في ليلة كذا من شهر كذا، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله أحضرهما وأخبرهما بذلك، فقالا: ما ندري؟ فقال ((بلى، أخبرا عني باذان أن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملكه، وقولا له: إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك من الأبناء)) ثم أعطى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله جرجسرة منطقة فيها ذهب وفضة، كان أهديت إليه ثم فارقاه ومضيا إلى باذان، فأخبراه بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: والله، ماهذا بكلام ملك، ولا أرى الرجل إلا نبيا كما يقول، ولننظرن ما قال فإن كان حقا فإنه لنبي بني إسرائيل فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه يقول:

Page 86