ثم تجهز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخفى أمره، وقال (صلى الله عليه وآله): ((اللهم عم(1) الأخبار على قريش حتى نأتيهم بغتة))، وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحفظ الطرق، وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليتخذ بذلك يدا عندهم يحفظون بها أهله ب(مكة)، فجاء الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبعث صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام والزبير، فأدركا المرأة التي حملت الكتاب وأخذاه منها، وعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما كان من أهل بدر، ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل لليلتين خلتا من رمضان، واستنفر أعراب المسلمين حتى انتهى إلى (مكة) في عشرة الآف فأخذها عنوة، فمن على أهلها وسماهم الطلقاء، وهرب صفوان بن أمية يريد (جدة) ليركب منها إلى اليمن، فقال عمير بن وهب: يا نبي الله، إن صفوان بن أمية سيد قومي وقد خرج هاربا منك، فأمنه -صلى الله عليك-(2).
قال: ((هو آمن)).
قال: يا رسول الله، أعطني آية يعرف بها أمانك، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمامته التي دخل بها (مكة) فأدركه عمير وهو يريد أن يركب البحر، فلما وصل صفوان إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، قال للنبي (صلى الله عليه وآله): إن هذا يزعم أنك قد أمنتني.
قال: ((صدق)).
قال: فاجعلني بالخيار فيه شهرا.
قال: أنت بالخيار أربعة أشهر، ثم لما كان في حنين وانهزم المسلمون، تكلم رجال من قريش بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم اليوم دون البحر.
Page 254