143

Albert Camus

ألبير كامي: محاولة لدراسة فكره الفلسفي

Genres

لقد رأينا كيف أن فلسفة كامي تبدأ من التناقض وتتلقى منه دفعة الحياة. ولم يكن هذا التناقض من النوع المنطقي الصوري، بل كان تناقضا ديالكتيكيا وجوديا، تناقضا معاشا ممزقا للقلب، هو نقطة انطلاق الفكر الفلسفي وقمته في آن واحد. إن النفي كامن في صميمه، ولكنه النفي الذي ينطوي في ذاته على الإيجاب ويظهره للوجود؛ فكل نفي يحتوي على ازدهار النعم،

2

وكل «لا» تفترض وجود «نعم» سابقة عليها.

3

كان المحال سالبا ونافيا بمقدار ما كان يمهد الطريق للوصول إلى يقين واضح بين، ويعد الوجدان للوعي بقيمة كلية شاملة، وأعني بها الطبيعة الإنسانية. وكان التمرد سالبا ونافيا، بمقدار ما بين لنا من خلال الحركات الثورية في تاريخها الطويل ما يخالف حقيقته، أي ما ليس بتمرد. ومرت أمام أبصارنا صور التمرد التي انبثقت في الأصل منه، ثم ما لبثت بعد ذلك أن حادت عنه وانحرفت إلى التمرد الميتافيزيقي والثورة التاريخية. وهكذا لم يتيسر لنا أن نتعرف على حقيقة التمرد إلا بعد التعرف على كذب الثورة.

4

إن فكر كامي الفلسفي يؤكد وينفي، ويوافق ويرفض في آن واحد. إنه يحاول أن يحافظ على الحد والمقياس الذي يحقق التوازن بين الطرفين المتضادين.

5

فالثنائية الأصيلة المشحونة بالتوتر، ثنائية النعم واللا، والوجود والتحول، والذات والموضوع، والحياة والموت، والسعادة والمأساة، والحب للحياة واليأس منها، والنور والظل، والحد والانفلات من كل الحدود، وفكر الظهيرة وفكر منتصف الليل، والديالوج والمونولوج، والبحر والسجون ... إلخ.

6

Unknown page