Al-Wajīz fī fiqh al-Imām al-Shāfiʿī
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
Editor
علي معوض وعادل عبد الموجود
Publisher
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
Edition
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
باب المسح على الخفين(١)
(والنَّظَرُ في شُرُوطِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَحُكْمِهِ)، وَلَهُ شَرْطَانِ:
(الأَوَّلُ): أَنْ يَلْبِسَ الخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ كَامِلَةٍ قَوِيَّةٍ، فَلَوْ غَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ، وَأَدْخَلَهَا الخُفَّ، لَمْ يَصِحَّ لُبْسُهُ؛ حَتَّى يَغْسِلَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَبْتَدِئَ اللُّبْسَ؛ وَكَذَا لَوْ صَبَّ المَاءَ في الخُفِّ [ح](٢) بَعْدَ لُبْسِهِ عَلَى الحَدَثِ، وَالمُسْتَحَاضَةُ إِذَا لَبِسَتْ عَلَى وُضُوئِهَا، لَمْ تَمْسَحْ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لِضَعْفِ طَهَارَتِهَا، وَوُضُوءِ المَجْرُوحِ، إِذَا تَيَمَّمَ لِأَجْلِ الجِرَاحَةِ كَوُضُوءِ المُسْتَحَاضَةِ، ثُمَّ إِنْ جَوَّزْنَا، فَلاَ تَسْتَفِيدُ بِطَهَارَةِ المَسْحِ، إِلَّا مَا كَانَ يَحِلُّ لَهَا لَوْ بَقِيَتْ طَهَارَتُهَا الأُولَى، وَهُوَ فَرِيضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَنَوَافِلُ.
(الشَّرْطُ الثَّانِي): أَنْ يَكُونَ المَلْبُوسُ سَاتِرًا قَوِيًّا حَلاَلًا، فَإِنْ تَخَرَّقَ، أَوْ كَانَ دُونَ الكَعْبَيْنِ، لَمْ يَكُنْ سَاتِرًا وَالمَشْقُوقُ القَدَمِ الَّذِي يُشَدُّ مَحَلَّ الشَّقِّ مِنْهُ بِشَرَجٍ فِيهِ خِلاَفٌ، وَالقَوِيُّ مَا يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِ في
(١) المسح في اللغة إِمرار اليد على الشيء تقول - مسَحْتُ الشيء بالماء مَسْحًا إذا أمررت اليد عليه، والمسح على الخُفَّيْن شرعًا إصابة البلة للخف الشرعي على وجهٍ مخصوص، فقولنا: ((إصابة)) يشمل ما لو كانت بيده بأن أمرّ يده وهي مُبْتَلَّةُ على الخف، أو قطر الماء عليه منها، أو وضعها عليه من غير إمرار، وهي مبتلة، أو غيرها كأن أَصَابَ المطر الخُفَّ فابْتَلَّ مع نية لابِسِهِ المَسْحَ بذلك)» وقولنا: ((للخف الشرعي)) يخرج إصابتها لغيره، سواء كان ذلك الغير خفًّا غير شرعي، أو لم يكن خفًّا وقولنا: ((على وجه مخصوص)) إشارة إلى الكيفية والشروط والمدة، وإلى النية، ولو حكمًا بأن يقصد بمسحه رفع حدث الرجلين بَدَلًا عن غسلهما، فخرج ما لم يكن كذلك. والخف لغة مجمع فرس البعير ((والفرس للبعير كالحافر للفرس)) وقد يكون للنعام، سوَّوْا بينهما للتّشَابُه، وجمعه: أخفاف كتُفْلٍ وأقفال، والخفّ أيضًا واحد الخفافِ التي تلبس، وجمعه: خفاف ككتاب للفرق بينه وبين البعير، وفي ((اللسان)) أنه يجمع على خفاف وأخفاف أيضًا، ويقال: تخَفَّفَ الرجل إذا لبس الخفّ في رجليه. وخُفُّ الإنسان ما أصاب الأرض من باطن قدميه والخف أيضًا القطعة الغليظة من الأرض.
وشرعًا: السَّاتر للقدمين إلى الكعبين من كل رجْلٍ من جلد ونحوه، المُسْتَّوْفي للشروط. هذا وعبر النووي بالخف وغير شيخ الإسلام بالخفين وقال: هو أولى من تعبيره بالخف، لأنه يوهم جَوَازَ المسح على خف رجل، وغسل الأخرى، وليس كذلك، فكان الأولى أن يعبر بالخفين، ويمكن أن يوجّه تعبيره بالخف بأن ((أل)) فيه للجنس، فيشمل ما لو كان له رجل واحدة لنقد الأخرى، وما لو كان له رجلان فأكثر، وكانت كلها أصلية، أو كان بعضها زائداً، أو أشتبه بالأصلي، أو سامت به، فيُلبس كُلّ منها خفّاً، ويمسح على الجميع، وأما إذا لم يشتبه، ولم يسامت، فالعبرة بالأصلي دون الزائد، فيلبس الأول خفًّا دون الثاني، إلا إن توقّف لبس الأصلي على الزائد، فيلبسه أيضًا، أو أنها للْعَهْدِ الشرعي، أي بالخف المعهود شرعًا، وهو الإثنان. قال على الشبراملي: وهذا الجواب أولى من الأول؛ لأنه لا يدفع الإيهام؛ لأن الجنس كما يتحقق من ضمن الكل، لذلك يتحقق من ضمن واحدة منهما. أما تعبير شيخ الإسلام بالخفين فإنه يرد عليه أيضًا أنه لا يشمل الخف الواحد فيما لو فقدت إحدى رجليه إلا أن يُقَال: إن نظر للغالب وقال القليوبي: ويطلق الخُفُّ على الفردتين، وعلى إحداهما. فعلى هذا استوت العبارتان.
ينظر: المغرب ٢٦٦/٢، ولسان العرب ٤١٩٦/٦، وينظر: بدائع الصنائع ٩٩/١، والمدونة ٤١/١، والأم ٢٩/١، والمغنى ٢٦٨/١، والمحلى ١/ ٩٢
(٢) من أ: (ح م)
138