النفوس والأنفاس، وعلى الظواهر والبواطن، وعلى الفِطْرات والفِكْرات، والهيئات والمُهِمَّات (^١)، وهو المَلِك الذي لم يَزلْ ولا يَزال (^٢)، كلُّ مُلكٍ زائلٌ إلا مُلْكَه، وكلُّ مِلْكٍ باطلٌ إلا مِلكَه، ليس لمُلكه زوالٌ، ولا لمِلْكه انتقالٌ.
وقال الإمام أبو منصُور الماتريديُّ رحمة اللَّه عليه: في الآية دلالةُ وصف الربِّ بمُلكِ ما ليس بموجودٍ (^٣) وقتَ الوصف بمُلكه، وهو يوم القيامة.
ثبت أنَّ اللَّه تعالى بجميع ما يستحقُّ الوصفَ به، يستحقُّه بنفسه لا بغيره، ولذلك قلنا نحن: هو اللَّه خالقٌ لم يزل، ورحيمٌ لم يزل، وجوادٌ لم يزل، وسميعٌ لم يزل، وإنْ كان ما عليه وَقْعُ ذلك لم يكن، وكذلك نقول: هو ربُّ كلِّ شيءٍ وإلهُ كلِّ شيءٍ في الأزل وإنْ كانت الأشياء حادثةً، كما قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، وإنْ كان اليومُ بعدُ (^٤) غيرَ حادث (^٥).
ثم قولُه: (مالكَ يومِ الدِّين) كما قُرئ بالنصب، فقد قرأ زيد بن عليٍّ: (رَبَّ العالمين، الرَّحمَنَ الرَّحِيمَ) بالنصب (^٦)، وهذا (^٧) على المدح، أو على النداء، وقراءةُ العامَّة بالخفض على النَّعت، وقرأ شقيقُ بنُ سلمة بالرفع على الابتداء (^٨).
(^١) في (أ): "وعلى الحضرات والفكرات والحياة والممات".
(^٢) في (أ) زيادة: "ولم يزل ولا يزال".
(^٣) في (ر) و(ف): "لموجود".
(^٤) في (أ): "يعد".
(^٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (١/ ٣٦٢).
(^٦) "بالنصب" ليس في (ف). وانظر: "البحر المحيط" لأبي حيان (١/ ٥٥).
(^٧) في (أ): "وهو".
(^٨) تقدمت قراءته قريبًا.