366

Al-Tabsira fī uṣūl al-fiqh

التبصرة في أصول الفقه

Editor

محمد حسن هيتو

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1403 AH

Publisher Location

دمشق

إِجْمَاع فَكَذَلِك لَا يمْتَنع أَن يجوز الْإِجْمَاع فِيمَا لم يتقدمه خلاف وَلَا يجوز ذَلِك فِيمَا تقدمه خلاف
وَلِأَن الْمَعْنى فِي الْإِجْمَاع الَّذِي لم يتقدمه خلاف أَنه اتِّفَاق لَا يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال إِجْمَاع قبله وَفِي مَسْأَلَتنَا اتِّفَاق الْعَصْر الثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى إبِْطَال الْإِجْمَاع قبله فَصَارَ كَمَا لَو أجمع الصَّحَابَة على قَول ثمَّ أجمع التابعون على غَيره
قَالُوا وَلِأَنَّهُ إِجْمَاع تعقب خلافًا فأسقط حكم الْخلاف كَمَا لَو اخْتلفت الصَّحَابَة ثمَّ أَجمعُوا وَذَلِكَ مثل اخْتلَافهمْ فِي قتال مانعي الزَّكَاة ثمَّ إِجْمَاعهم عَلَيْهِ
وَالْجَوَاب أَن على قَول من لم يعْتَبر انْقِرَاض الْعَصْر فِي صِحَة الْإِجْمَاع لَا نسلم الأَصْل فَإِنَّهُم إِذا اخْتلفُوا لم يجز أَن يجمعوا على أحد الْقَوْلَيْنِ
وَأما قصَّة مانعي الزَّكَاة فَلم يحصل فِيهِ اخْتِلَاف فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا كَانُوا فِي طلب الدَّلِيل ومهلة النّظر وَلم ينْقل بَينهم فِيهِ خلاف
وَمن قَالَ إِن انْقِرَاض الْعَصْر مُعْتَبر فِي صِحَة الْإِجْمَاع أسقط الِاخْتِلَاف بِالْإِجْمَاع وَفرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّهُم إِذا أَجمعُوا بعد الْخلاف صَارَت الْمَسْأَلَة على قَول وَاحِد فَيسْقط القَوْل الآخر لِأَن الْقَائِل بِهِ قد رَجَعَ عَنهُ وَأقر بِبُطْلَانِهِ وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا لأَنهم إِذا مَاتُوا على اخْتِلَاف كَانَ قَول الْمُخَالف مِنْهُم بَاقِيا وَهُوَ كالحي الْقَائِم فَلم يجز إِسْقَاطه بِالْإِجْمَاع بعده
وَلِأَن الصَّحَابَة لَو أَجمعت على أَمر جَازَ أَن يَخْتَلِفُوا فِيهِ كَمَا قَالَ عَليّ ﵇ كَانَ رَأْيِي ورأي أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر ورأي الْجَمَاعَة أَن لَا تبَاع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَأرى الْآن أَن يبعن وَلَو أَجمعت الصَّحَابَة على قَول ثمَّ أَرَادَ التابعون الِاتِّفَاق على خِلَافه لم يجز فَافْتَرقَا
قَالُوا وَلِأَن الْإِجْمَاع حجَّة وَالِاخْتِلَاف لَيْسَ بِحجَّة فَلم يتْرك ماهو حجَّة بِمَا لَيْسَ بِحجَّة كالكتاب وَالسّنة

1 / 382