8
المبحث الأول: الإحكام والتشابه في القرآن
وصف الله ﷾ القرآن كله بأنه محكم، كما وصفه بأنه كله متشابه، فقال تعالى في وصف القرآن بالإحكام: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١] (^١)، وقال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (١)﴾ [يونس: ١] (^٢).
ومعنى كونه محكمًا، أي: في "اطراده في البلاغة، وانتظامه في سلك الفصاحة، واستواء أجزاء كلماته في أداء المعنى من غير حشو يستغنى عنه، أو نقصان يخل به، واختصار القول الطويل الدال على المعنى الكثير" (^٣).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: "فإحكام الكلام إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، وتمييز الرشد من الغي في أوامره، والقرآن كله محكم بمعنى الإتقان" (^٤).
والمقصود أن معنى كون القرآن كله محكمًا، أي: أن ألفاظه ومعانيه متقنة، وأن المعاني المرادة بألفاظه ظاهرة بينة لا خلل فيها ولا اختلاف" (^٥)، فالقرآن يصدق بعضه بعضا.
وكما وصف الله تعالى القرآن كله بالإحكام، فقد وصفه بأنه كله متشابه، وذلك في قوله سبحانه: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣] (^٦).
ومعنى كونه متشابهًا: أي يشبه بعضه بعضًا في الصحة والفصاحة والحسن والبلاغة، ويصدق بعضه بعضًا (^٧).

(^١) سورة هود: ١
(^٢) سورة يونس: ١.
(^٣) قانون التأويل أبو بكر محمد بن العربي تحقيق محمد السليماني ص ٣٧٣، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية.
(^٤) الرسالة التدمرية ٣/ ٦٠ ضمن مجموع الفتاوى.
(^٥) انظر: التفسير الكبير لفخر الدين الرازي ٧/ ١٦٧، المطبعة البهية، الطبعة الأولى. تأسيس التقديس ص ٢٣٠، البرهان في علوم القرآن للزركشي تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٢/ ٦٨، طبعة المكتبة العصرية، بيروت، عام ١٤١٩. الإتقان في علوم القرآن للسيوطي تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٣/ ٣، طبعة المكتبة العصرية، بيروت، عام ١٤١٨، أقاويل الثقات ص ٤٦ - ٤٨، فتح القدير ١/ ٥٣١.
(^٦) سورة الزمر: ٢٣.
(^٧) انظر: التفسير الكبير للرازي ٧/ ١٦٧، تأسيس التقديس ص ٢٣٠، الإتقان للسيوطي ٣/ ٣، أقاويل الثقات ص ٤٩، فتح القدير ١/ ٥٣١.

1 / 8