101

Al-muʿtamid min qadīm qawl al-Shāfiʿī ʿalā al-jadīd

المعتمد من قديم قول الشافعي على الجديد

Publisher

دار عالم الكتب

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

الرياض

وأما دلالة التردد على كمال القصد والإخلاص في طلب الحق فلأنه لا يحكم إلا بعد أن يرى رأي العين، فإن لم تتوافر لديه الأسباب رجح وقارب ولم يباعد، وأن لم تتوافر الأسباب لذلك بتردده، وبين تعارض الأدلة وتصادم الأمارات وإن تجاوز هذه الحدود كان تلبيساً وما ذلك شأن من يطلب الحق، لا يريد به غلباً، ولا يريد به سبقاً، ولقد كان الشافعي من أهل ذلك المقام، فهذا الذي كان يناظر ويقرع الخصوم ويحيط بهم في مجاري تفكيرهم، كان يقسم أنه ما جادل طلباً للغلبة قط(١).

والخلاصة: أن كثرة الآراء للشافعي - رحمه الله - تتفق مع منهجه في الاجتهاد ومتفق مع حياته الفكرية وهي لا تدل على نقصه بل تدل على تحريه في طلب الحق وطالب الحق ليس بناقص.

وبعد: هل يعتبر القديم - أي ما قاله في القديم - معتمداً إذا وجد سبباً لترجيحه على الجديد؟.

حدث في إجابة هذا السؤال خلاف في المذهب ذكره الإمام النووي قال موضحاً رأيه في ذلك:

"كل مسئلة فيها قولان للشافعي رحمه الله قديم وجديد فالجديد هو الصحيح وعليه العمل لأن القديم مرجوع عنه واستثنى جماعة من أصحابنا نحو عشرين مسألة أو أكثر وقالوا يفتي فيها بالقديم وقد يختلفون في كثير منها قال إمام الحرمين في النهاية في باب المياه وفي باب الآذان، قال الأئمة كل قولين قديم وجديد فالجديد أصح إلا في ثلاث مسائل، التثويب في آذان

(١) بتصرف من الإمام الشافعي، ص ١٥٤.

96