Al-muntakhab min kutub Shaykh al-Islām
المنتخب من كتب شيخ الإسلام
Publisher
دار الهدى للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
Publisher Location
الرياض
Genres
المساجد هي مواضع الأئمَّة ومجامع الأمَّة
(كانت «مواضع الأئمة ومجامع الأمة» هي المساجد؛ فإن النبي ﷺ أسس مسجده المبارك على التقوى؛ ففيه: الصلاة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة وعقد الألوية والرايات وتأمير الأمراء وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلمون عنده لما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.
وكذلك عماله في مثل مكة والطائف وبلاد اليمن وغير ذلك من الأمصار والقرى، وكذلك عماله على البوادي؛ فإن لهم مجمعًا فيه يصلون وفيه يساسون؛ كما قال النبي ﷺ: «إن بني إسرائيل كان تسوسهم الأنبياء، كلما ذهب نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء تعرفون وتنكرون» . قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «أوفوا ببيعة الأول فالأول، واسألوا الله لكم؛ فإن الله سائلهم عما استرعاهم» (١) .
وكان «الخلفاء والأمراء» يسكنون في بيوتهم كما يسكن سائر المسلمين في بيوتهم، لكن مجلس الإمام الجامع هو المسجد الجامع، وكان سعد بن أبي وقاص قد بنى له بالكوفة قصرًا وقال: اقطع عني الناس. فأرسل إليه عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة وأمره أن يحرقه، فاشترى من نبطي حزمة حطب وشرط عليه حملها إلى قصره، فحرقه؛ فإن عمر كره للوالي الاحتجاب عن رعيته، ولكن بنيت قصور الأمراء، فلما كانت إمارة معاوية احتجب لما خاف أن يُغتال كما اغتيل علي، واتخذ المقاصير في المساجد ليصلي فيها ذو السلطان وحاشيته، واتخذ المراكب؛ فاستن به الخلفاء الملوك بذلك، فصاروا مع كونهم يتولون الحرب والصلاة بالناس ويباشرون الجمعة والجماعة والجهاد وإقامة الحدود لهم قصور يسكنون فيها ويغشاهم
(١) رواه البخاري. تقدم تخريجه (ص١٠٧) .
1 / 136