Al-Mughnī sharḥ mukhtaṣar al-Khiraqī
المغني شرح مختصر الخرقي
Editor
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو
Publisher
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
Edition
الثالثة
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
الرياض
٤٩ - مسألة؛ قال: (وغَسْلُ المَيِّتِ)
اخْتَلَفَ أصْحَابُنا في وُجُوبِ الوُضُوءِ منْ غَسْلِ المَيِّتِ؛ فقال أكثرُهم بوُجُوبهِ، سواء كان المَغْسُولُ صَغِيرًا أو كَبِيرًا، ذَكَرًا أو أُنْثَى، مُسْلِمًا أو كافِرًا. وهو قَوْلُ إسْحَاق، والنَّخَعِىِّ، ورُوِىَ ذَلِكَ عَنِ ابنِ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبى هُرَيْرَةَ، فرُوِىَ عن ابنِ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ أنَّهما كانا يَأْمُرَانِ غاسِلَ المَيِّتِ بالوُضُوءِ. وعن أبِى هُرَيْرةَ، قال: أقَلُّ ما فِيه الوُضُوء. ولا نَعْلَمُ لهم مُخَالِفًا في الصَّحَابةِ. ولأَنَّ الغالِبَ فيه (١) أنَّه لا يَسْلَمُ الغاسِلُ (٢) أنْ تَقَع يَدُهُ علَى فرْجِ المَيِّتِ، فكان مَظِنَّةُ ذلك قائِمًا مَقَامَ حَقِيقَتِه، كما أُقِيمَ النومُ مَقَامَ الحَدَثِ. وقالَ أبو الحسن التَّمِيمِىُّ: لا وُضُوءَ فيه. وهذا قَوْلُ أكْثَرِ الفُقَهاء، وهو الصَّحِيحُ إن شاء اللهُ؛ لأنَّ الوُجُوبَ من الشَّرْعِ. ولم يَرِدْ في هذا نَصٌّ، ولا هو في مَعْنَى المَنْصُوص عليه، فَبَقِىَ علَى الأَصْلِ، ولأَنَّه غَسْل آدَمِىٍّ. فأشْبَهَ غَسْلَ الحَىِّ. وما رُوِى عن أحمدَ في هذا يُحْمَلُ علَى الاسْتِحْبابِ دُونَ الإيجَابِ؛ فإنَّ كلامَه يَقْتَضِى نَفْىَ الوُجُوبِ، فإنَّه تَرَكَ العَمَلَ بالحَدِيثِ المَرْوِىِّ عنِ النَّبىِّ ﷺ: "مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ (٣) ". وعَلَّلَ ذلك بأنَّ الصَّحِيحَ أَنَّه مَوْقُوفٌ علَى أبى هُرَيْرة. فإذا لم يُوجِب الغَسْلَ بقَوْلِ أبى هُرَيْرة، مع احْتِمالِ أنْ يكونَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فلَأنْ لا يُوجِبَ الوُضُوءَ بقَوْلِه، مع عَدَمَ ذلك الاحْتِمال، أَوْلَى وأَحْرَى.
٥٠ - مسألة؛ قال: (ومُلَاقاةُ جِسْمِ الرَّجُلِ للمَرْأةِ لِشَهْوَةٍ)
المَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أحمدَ، ﵀، أنَّ لَمْسَ النِّسَاءِ لِشَهْوةٍ يَنْقُضُ الوُضُوءَ، ولا يَنْقُضُه لِغَيْرِ شَهْوَةٍ. وهذا قَوْلُ عَلْقَمة، وأبى عُبَيْدَة، والنَّخَعِىِّ، والحَكَم،
(١) سقط من: الأصل.
(٢) سقط من: م.
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب الغسل من غسل الميت، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ٢/ ١٧٩. والترمذي، في: باب ما جاء في الغسل من غسل الميت، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ٤/ ٢١٤. وابن ماجه، في: باب ما جاء في غسل الميت، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١/ ٤٧٠. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ١٠٣، ١٣٠، ٢/ ٢٨٠، ٤٣٣، ٤٥٤، ٤٧٢، ٤/ ٢٤٦.
1 / 256