الريح الي تهب من ناحية القطب الشمالي، وهي ناحية الفرقدين وبنات نعش، باردة يابسة تصلب الأبدان وتقويها وتجفف الرأس والحواس، وهي أصلح الأرياح وأدفعها للعفن غير أنها تهيج العلل التي تكون في الرئة والحلق والنزل والزكام وتعقل البطن وتدر البول. والهابة من ناحية القطب الجنوبي، وهي ناحية سهيل ترخي الجسد وتكدر الحواس وتهيج الصداع والرمد ونوائب الصرع والحميات العفنية غير أنها لا تخشن الحلق والصدر. وهي أجلب الرياح للأمراض لا سيما إذا كثر هبوبها في الصيف وآخر الربيع.. وأما الريح التي تهب من حد المشرق الصيفي إلى المشرق الشتوي. والتي تهب من حد المغرب الشتوي إلى المغرب الصيفي فمعتدلتان في الحر والبرد. إلا أن أصلحها وأصحها الهابة من المشرق وأردأها وأغلظها الهابة من المغرب. وأما الهواء فأصلحه الصافي اللطيف الذي ليس فيه بخارات غليظة ولا هو ومد راكد محتقن، بل يتحرك بهبوب الرياح، لذيذ المستنشق، يسرع إلى البرد إذا غابت عنه الشمس، وشره ما كان بالضد مما وصفناه. وما كان لغلظه ولحره كأنه يقبض على الفؤاد ويمسك بالنفس. وما كان فيه بخارات كثيرة غليظة من مجاورته لبحيرات وآجام فيها أمياه راكدة وكان فيها نتن من عفونات أو جيف أو كان شديد الحر ملتهبا أو كان محتقنا لا تخرقه الرياح. فإن هذه الأهوية كلها وبائية ويكون الهواء محتقنا في المساكن التي في الجوبات وحيث يحيط بها جبال شاهقة أو آجام. وحيث لا تهب أرياح كثيرة.
في البلدان:
Page 163