30

Al-Laʾālī al-marjāniyya fī sharḥ al-qalāʾid al-burhāniyya

اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية

كما قدمه السجاوندي - رحمه الله تعالى - من الحنفية في السراجية؛ بقوله قال علماؤنا - رحمهم الله تعالى - تتعلق بتركة الميت حقوقٌ أربعة مرتبتاً أولاً يبدأ بتكفينه وتجهيزه بلا تبذير ولا تقتير.

وروى ملا مسكين من الحنفية أيضاً أن الصحيح تقديم مؤن التجهيز على الديون مطلقاً ولو كانت متعلقة بعين التركة، كما قال به من الحنفية السرخسي - رحمه الله تعالى - في المبسوط بقوله: فنقول إذا مات ابن آدم يبدأ من تركته بالأقوى فالأقوى من الحقوق عرف ذلك بقضية العقول وشواهد الأصول فأول ما يبدأ به تجهيزه وتكفينه ودفنه بالمعروف.

وممن قال بتقديم مؤن التجهيز من الشافعية أبو إسحاق الشيرازي - رحمه الله تعالى - بقوله: إذا مات الميت بدأ من ماله بتكفينه ومؤنة تجهيزه، وكذلك في شرح المجموع أيضا قال الشارح: إذا تقرر هذا فإن الميت إذا مات أخرج من ماله كفنه وحنوطه ومؤنة تجهيزه من رأس المال مقدماً على دينه موسراً كان أو معسراً.

قال الجعبري رحمه الله تعالى:

إذا مات ذو مال فمن رأس ماله مؤنته قدم على الدين أولا

وبعد وفاء الدين أمض وصية من الثلث وأقسم ما تبقى مفصلا

ومن أدلة هذا القول القاضي بتقديم مؤن التجهيز على غيرها من الحقوق ما يلي:

  1. حديث خباب بن الأرت قال: (هاجرنا مع رسول الله ﷺ نبتغي وجه الله فوجب أجرنا على الله تعالى، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئاً؛ منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يوجد له شيئاً يكفن فيه إلا نمرة فكان إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله ﷺ: ضعوها مما يلي رأسه واجعلوا على رجليه الإذخر) متفق عليه، قال النووي رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث وفيه دليل أن الكفن من رأس المال وأنه مقدم على الديون لأنه ﷺ أمر بتكفينه في نمرة ولم يسأل هل عليه دين مستغرق أم لا؟، ولا يبعد من حال من لا يكون عنده إلا نمرة أن يكون عليه دين، ثم قال: واستثنى أصحابنا من الديون الدين المتعلق بعين المال فيقدم على الكفن.

  2. ما أورده ابن سعد في الطبقات في ترجمة حمزة بن عبد المطلب عن أبي أسيد الساعدي قال: إنّا مع رسول الله ﷺ على قبر حمزة فجعلوا يجرون النمرة فتنكشف قدماه، ويجرونها على

30