Aḥkām al-ṣiyām
أحكام الصيام
Editor
محمد عبد القادر عطا
Publisher
دار الكتب العلمية
Publication Year
1406 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
وآخر يقول: بل هو ثابت في الجملة؛ لأنه قد عرف بعضه بالتجربة، ولأن الشريعة دلت على ذلك بقوله ﷺ:
(( إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، لكنهما آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده (٣٨))) والتخويف إنما يكون بوجود سبب الخوف، فعلم أن كسوفهما قد يكون سبباً لأمر مخوف.
وقوله :
(( لا يخسفان لموت أحد، ولا لحياته)).
رد لما توهمه بعض الناس. فإن الشمس خسفت يوم موت إبراهيم، فاعتقد بعض الناس أنها خسفت من أجل موته تعظيماً لموته، وأن موته سبب خسوفها، فأخبر النبي ﷺ أنه لا ينخسف لأجل أنه مات أحد، ولا لأجل أنه حي أحد.
وهذا كما في الصحيحين عن ابن عباس قال: حدثني رجال من الأنصار أنهم كانوا عند النبي ﷺ فرمي بنجم فاستنار، فقال: ((ما كنتم تقولون لهذا في الجاهلية؟)) فقالوا: كنا نقول: ولد الليلة عظيم أو مات عظيم، فقال: ((إنه لا يرمي بها لموت أحد، ولا لحياته، ولكن الله إذا قضى بالقضاء سبح حملة العرش (٣٩)).
فأخبر النبي ﷺ أن الشهب التي يرجم بها لا يكون عن سبب حدث في الأرض، وإنما يكون عن أمر حدث في السماء، وأن الرمي بها لطرد الشياطين المسترقة.
(٣٨) أخرجه: البخاري في صحيحه، الباب ١، ٢، ٤، ٥، ٩، ١٣، ١٧ من كتاب الكسوف، والباب ٤ من كتاب بدء الخلق، والباب ٨٨ من كتاب النكاح. ومسلم في صحيحه، حديث ٣، ٩، ٢٨ من كتاب الكسوف. والنسائي في سننه، الباب ٣، ١٢، ١٦، ٣٨ من كتاب الكسوف. ومالك في الموطأ، حديث ١، ٢ من كتاب الكسوف. وأحمد بن حنبل في المسند ١٠٩/٢.
(٣٩) أخرجه: مسلم في صحيحه، حديث ١٢٤ من كتاب السلام. والترمذي في سننه، سورة ٣٤ من كتاب التفسير. وأحمد بن حنبل في مسنده ١ / ١٢٨.
61