171

Aḥkām al-ṣiyām

أحكام الصيام

Editor

محمد عبد القادر عطا

Publisher

دار الكتب العلمية

Publication Year

1406 AH

Publisher Location

بيروت

ليخالف اليهود، ولا يشابههم في اتخاذه عيداً، وكان من الصحابة والعلماء من لا يصومه، ولا يستحب صومه، بل يكره إفراده بالصوم، كما نقل ذلك عن طائفة من الكوفيين، ومن العلماء من يستحب صومه.

والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع؛ لأن هذا آخر أمر النبي ﷺ، لقوله: ((لئن عشت إلى قابل، لأصومن التاسع مع العاشر)) كما جاء ذلك مفسراً في بعض طرق الحديث، فهذا الذي سنه رسول الله ﷺ.

وأما سائر الأمور: مثل اتخاذ طعام خارج عن العادة، إما حبوب وإما غير حبوب، أو تجديد لباس أو توسيع نفقة، أو اشتراء حوائج العام ذلك اليوم، أو فعل عبادة مختصة. كصلاة مختصة به، أو قصد الذبح، أو إدخار لحوم الأضاحي ليطبخ بها الحبوب، أو الاكتحال، والاختضاب، أو الاغتسال، أو التصافح، أو التزاور، أو زيارة المساجد والمشاهد، ونحو ذلك، فهذا من البدع المنكرة، التي لم يسنها رسول الله ﷺ، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا استحبها أحد من أئمة المسلمين لا مالك ولا الثوري، ولا الليث بن سعد، ولا أبو حنيفة، ولا الأوزاعي، ولا الشافعي، ولا أحمد بن حنبل، ولا إسحاق بن راهويه، ولا أمثال هؤلاء من أئمة المسلمين، وعلماء المسلمين وإن كان بعض المتأخرين، من أتباع الأئمة قد كانوا يأمرون ببعض ذلك. ويروون في ذلك أحاديث وآثاراً، ويقولون: ((إن بعض ذلك صحيح. فهم مخطئون غالطون بلا ريب عند أهل المعرفة بحقائق الأمور. وقد قال حرب الكرماني في مسائله: سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: ((من وسع على أهله يوم عاشوراء)) (٤٨) فلم يره شيئاً.

وأعلى ما عندهم أثر يروى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنه قال: بلغنا ((أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته)) قال سفيان بن عيينة جربناه منذ ستين عاماً فوجدناه صحيحاً. وإبراهيم بن محمد كان من أهل الكوفة، ولم يذكر ممن سمع هذا ولا عمن بلغه، فلعل الذي قال هذا من

(٤٨) سبق تخريجه.

171