118

Aḥkām al-ṣiyām

أحكام الصيام

Editor

محمد عبد القادر عطا

Publisher

دار الكتب العلمية

Publication Year

1406 AH

Publisher Location

بيروت

حكم الجماع :

فإن قيل: فالجماع مفطر، وهذه العلة منتفية فيه؟

(قيل): تلك أحكام ثابتة بالنص والإجماع فلا يحتاج إثباتها إلى قياس: بل يجوز أن تكون العلل مختلفة، فيكون تحريم الطعام والشراب والفطر بذلك لحكمة، وتحريم الجماع والفطر به لحكمة، الفطر بالحيض لحكمة، فإن الحيض لا يقال فيه إنه يحرم، وهذا لأن الفطرات بالنص والإجماع لما انقسمت إلى أمور اختيارية تحرم على العبد كالأكل والجماع، وإلى أمور لا اختيار له فيها كدم الحيض، كذلك قسم عللها.

فنقول: أما الجماع فإنه باعتبار أنه سبب إنزال المني يجري مجرى الاستقاءة والحيض والاحتجام - كما سنبينه إن شاء الله تعالى - فإنه نوع الاستفراغ لا الامتلاء كالأكل والشرب، ومن جهة أنه إحدى وتبين فجرى مجرى الأكل والشرب قد قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح عن الله تعالى:

"قال: ((الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي)) (٢٣)

فترك الإنسان ما يشتهيه لله هو عبادة مقصودة يثاب عليها كما يثاب المحرم على ترك ما اعتاده من اللباس والطيب ونحو ذلك من نعيم البدن، والجماع من أعظم نعيم البدن، وسرور النفس وانبساطها، هو يحرك الشهوة والدم والبدن أكثر من الأكل، فإذا كان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. والغذاء يبسط الدم الذي هو مجاريه، فإذا أكل أو شرب انبسطت نفسه إلى الشهوات، وضعفت إرادتها ومحبتها للعبادات، فهذا المعنى في الجماع أبلغ فإنه يبسط إرادة

(٢٣) أخرجه: البخاري في صحيحه، الباب ٢ من كتاب الصوم، والباب ٣٥، من كتاب التوحيد، والباب ٧٨ من كتاب اللباس. ومسلم في صحيحه، حديث ١٦٤، ١٦٥ من كتاب الصيام. والنسائي في سننه، الباب ٤١ من كتاب الصيام. وابن ماجه في سننه، الباب ٥٨ من كتاب الأدب. ومالك في الموطأ، الباب ٥٨ من كتاب الصيام. وأحمد بن حنبل في المسند ١/ ٤٤٦، ٢/ ٢٣٢، ٢٣٤، ٢٨١، ٣١٣، ٣٩٥، ٤١١، ٤١٤، ٤٥٧، ٤٥٨، ٤٦٥، ٤٦٧، ٥٠٤، ٥١٦، ٥/٣، ٠٤٠

118