فبعض الروايات تنتمي إلى ما يسمى ال
Meta-Fiction
وتنتمي كثير من المسرحيات إلى ال
Meta-Theatre ! ورغم أن هذا الاتجاه ليس جديدا إذ وجد في الروايات الأولى وفي مسرح العصر الإليزابيثي، إلا أنه اشتد وتبلور نتيجة الوعي المتزايد لدى الجميع بأن العالم الخيالي الذي يخلقه الكاتب خيالي بالفعل، ولا ينبغي الاندماج فيه بأكثر مما ينبغي. ومعنى هذا أن على القارئ أن يذكر دائما أن الشخوص التي يقرأ عنها والأحداث الجارية أمامه على المسرح أو في الرواية لا وجود لها في الواقع. وقد يتبادر إلى الذهن أن كسر الإيهام في الأدب الخيالي مرتبط بالمسرح التثقيفي أو الدعائي أو ما أسماه «برتولد بريشت» بالمسرح الملحمي، ولكن هذا غير صحيح؛ فكسر الإيهام يقصد منه أساسا إيجاد صلة مباشرة بين الكاتب والقارئ أو بين المؤلف والمشاهد؛ بحيث توفر درجة أكبر من الإيجابية في التلقي ودرجة أكبر من المشاركة اللازمة في عصر يتميز بالسلبية والجنوح إلى الإذعان لما يقوله الكاتب أو الناقد.
أما الاتجاه الثاني فهو الميل إلى «التوثيق» في كتابة النص، أي إدراج مادة علمية صحيحة في الرواية والمسرح بل والشعر، بحيث تكون قنوات الإحالة بين العالم البديل الذي يخلقه الفن وعالم الواقع المادي الحقيقي قنوات مفتوحة وطبيعية أي غير زائفة. وهذا يعني ألا يقتصر الفن على إبداع عالم خاص قائم بذاته، قد لا يشترك مع العالم الخارجي إلا في الحقائق الأساسية، بل إنه يخلق عالما يسهل على القارئ أو المشاهد أن يتبين فيه تفاصيل عالمه الحقيقي.
وقد يبدو للوهلة الأولى أن الاتجاهين متناقضان، ولكنهما في الحقيقة متكاملان.
وإذا كان هناك تعليق عام على المؤتمر فهو التأكيد على ما كنت أحسه ويحسه كل مشتغل بالأدب والنقد في بلادنا - ألا وهو ضرورة التواصل مع العالم الخارجي واطلاعه على أدبنا - وقد شاركني في هذا الرأي الدكتور عزت خطاب، رئيس قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الملك سعود بالرياض، والذي كان يمثل المملكة العربية السعودية، وقد اشترك مع الدكتور شكري عياد في إعداد مختارات من الشعر العربي في شتى عصوره للترجمة إلى الإنجليزية، وقد صدر هذا الكتاب هذا الشهر عن دار نشر إنجليزية، ضمن مشروع
الذي تشرف عليه الدكتورة سلمى الخضراء في أمريكا، وقد انتهزت الفرصة وقرأت في المؤتمر مختارات من كتابي «الشعر العربي في مصر» بالإنجليزية، وشجعني حسن استقبال ممثلي دول العالم للشعر المصري على المضي في المشروع الذي تتبناه هيئة الكتاب وهو الأدب العربي المعاصر بالإنجليزية.
الرواية في مفترق الطرق
لم يتعرض فن أدبي للجدل والمناقشة في مؤتمر الأدب العالمي الذي انعقد في «كيمبريدج» هذا العام مثل فن الرواية أو القصة الطويلة. وربما كان ما يصدق على الرواية من آراء عامة يصدق أيضا على سائر ألوان الفنون الأدبية - مثل علاقة المؤلف بالنص المكتوب، وعلاقة التاريخ بالواقع وعلاقة الواقع الخارجي بالواقع الفني وما إلى ذلك - ولكن عدد الكتب الجديدة التي صدرت عن نظريات هذا الفن وفصلت القول فيه يبين أن نظرية الرواية قد وصلت إلى مفترق طرق بعد سنوات التجريب الطويلة التي تلت الحرب العالمية الثانية. فما هي ملامح الطرق التي تقف النظرية في مفترقها؟
Unknown page