151

Adab Sharciyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
تَهِشُّ لَهَا كَأَنَّهَا فِيكَ نَزَلَتْ، وَتَسْمَعُ بَعْدَهَا ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] فَتَطْمَئِنُّ أَنَّهَا لِغَيْرِك. وَمِنْ أَيْنَ ثَبَتَ هَذَا الْأَمْرُ، وَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الطَّمَعُ، اللَّهَ اللَّهَ هَذِهِ خُدْعَةٌ تَحُولُ بَيْنَك وَبَيْنَ التَّقْوَى.
وَقَالَ أَيْضًا الطِّبَاعُ الرَّدِيَّةُ أَبَالِسَةُ الْإِنْسَانِ، وَالْعُقُولُ وَالْأَدْيَانُ مَلَائِكَةُ هَذَا الشَّأْنِ. وَفِي خِلَالٍ تَعْتَلِجُ وَلَهَا أَخْلَاقٌ تَتَغَالَبُ وَالشَّرَائِعُ مِنْ خَارِجِ هَذَا الْجِسْمِ لِمَصَالِحِ الْعَالَمِ وَمَا دَامَ الْعَبْدُ فِي الْعِلَاجِ فَهُوَ طَالِبٌ، فَإِذَا غَلَّبَ الْعَقْلَ وَاسْتَعْمَلَ الشَّرْعَ فَهُوَ وَاصِلٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مِنْ الْوُجُودِ فَكُلُّ أَحَدٍ يُرِيدُهُ لِنَفْسِهِ لَا لَهُ مِنْ أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَصَدِيقٍ وَخَادِمٍ، وَلَيْسَ مَعَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا الْحَقُّ ﷾، فَإِنْ خَذَلَهُ وَأَخَذَهُ بِذَنْبِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مُتَعَلِّقٌ وَكَانَ الْهَلَاكُ الْكُلِّيُّ، وَإِنْ لَطَفَ بِهِ وَقَرَّبَهُ إلَيْهِ لَمْ يَضُرَّهُ انْقِطَاعُ كُلِّ مُنْقَطِعٍ عَنْهُ، فَيَجْعَلُ الْعَاقِلُ شُغْلَهُ خِدْمَةَ رَبِّهِ فَمَا لَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ غَيْرُهُ، وَلْيَكُنْ أَنِيسَهُ وَمَوْضِعَ شَكْوَاهُ فَلَا تَلْتَفِتْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ إلَّا إلَيْهِ، وَلَا تُعَوِّلْ إلَّا عَلَيْهِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْقِدَ خِنْصَرَكَ إلَّا عَلَى الَّذِي نَظَّمَهَا.
وَقَالَ تَأَمَّلْتُ إقْدَامَ أَكْثَرِ الْخَلْقِ عَلَى الْمَعَاصِي فَإِذَا سَبَبُهُ حُبُّ الْعَاجِلِ وَالطَّمَعِ فِي الْعَفْوِ، وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ الصُّوفِيَّةِ إذَا مَاتَ لَهُمْ مَيِّتٌ كَيْفَ يَعْمَلُونَ دَعْوَةً وَيَرْقُصُونَ وَيَقُولُونَ وَصَلَ إلَى اللَّهِ ﷿، أَفَأَمِنُوا أَنْ يَكُونَ وَقَعَ فِي عَذَابٍ، فَهَؤُلَاءِ سَدُّوا بَابَ الْخَوْفِ وَعَمِلُوا عَلَى زَعْمِهِمْ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالشَّوْقِ وَمَا كَانَ الْعُلَمَاءُ هَكَذَا.

1 / 152