114

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Investigator

علي الرضا الحسيني

Publisher

دار النوادر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1431 AH

Publisher Location

سوريا

Genres

السليمة منهم إلى الإقبال على سماع ما يرد بعد النداء من التذكير بالنعمة.
والذكر يكون بالقلب، ومعنى ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ﴾: تنبهوا لها، ولا تغفلوا عنها حتى تقوموا بواجب شكرها. ويكون الذكر باللسان، فيراد من الأمر بذكر النعمة: الأمر بالتحدث بها، والتحدث بنعمة الله مدعاة للتعبد بالشكر عليها.
والنعمة: المنعَم به، وتجمع على نِعَم، وقد وردت في القرآن بمعنى النعم، لا تحتمل غير هذا المعنى؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨]، فلفظ العد والإحصاء يعين أنه أريد بها: النعم الكثيرة. والنعمة في هذه الآية التي نحن بصددها يترجح حملها على معنى النعم؛ إذ لم يقم دليل من الآية على أنه أريد بها نعمة معهودة. ثم إن مقام الدعوة إلى الإيمان يقتضي توجيههم إلى أن يذكروا نعم الله عليهم فيما سلف، ولله عليهم نعم كثيرة عظيمة. واستعمال المفرد في معنى الجمع؛ اعتمادًا على ما ينساق إليه الذهن بقرينة قائمة في نظم الآية، أو بقرينة يلمحها الناظر في مقام الخطاب، أسلوب معدود من أبلغ أساليب البيان.
﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾:
العهد: ما من شأنه أن يراعى؛ كاليمين، والأمان، والوصية، والأمر، والضمان.
وعهد الله: أوامره ونواهيه، والوفاء به: اتباع ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
ويندرج فيه: ما أخذه على بني إسرائيل في التوراة من اتباع محمد ﷺ إذا بعث، والإيمان به وبما جاء به من هداية وشريعة. وعهدهم الذي ضمن لهم الوفاء به في قوله: ﴿أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾: ما وعد به المؤمنين بحق؛ من طيب

1 / 80