Abu Shuhada Husayn Ibn Cali
أبو الشهداء الحسين بن علي
Genres
قال: «لا!»
والتفت إلى الآخرين يسألهم قائلا: «فأنتم؟» فوافقوا ابن الزبير.
فقال متوعدا: «أعذر من أنذر! إني كنت أخطب فيكم فيقوم إلي القائم منكم فيكذبني على رءوس الناس فأحمل ذلك وأصفح، وإني قائم بمقالة، فأقسم بالله لئن رد علي أحدكم كلمة في مقامي هذا، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف إلى رأسه، فلا يبقين رجل إلا على نفسه!»
ثم أمر صاحب حرسه أن يقيم على رأس كل منهم رجلين مع كل واحد منهما سيف، وقال له: «إن ذهب رجل منهم يرد علي كلمة بتصديق أو تكذيب، فليضرباه بسيفيهما.»
ثم خرج بهم إلى المسجد ورقي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا يبرم أمر دونهم ولا يقضى إلا على مشورتهم، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد فبايعوه على اسم الله.» فبايع الناس.
وهكذا كانت البيعة ليزيد في الحجاز. •••
ومات معاوية وهو يعلم أن بيعة كهذه لا تجوز ولا تؤمن عقباها؛ فأوصى ابنه «أنه لا يخاف إلا هؤلاء من قريش: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير». قال: «فأما عبد الله بن عمر فرجل قد وقذته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك، وأما الحسين بن علي فلا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه، فإن له رحما ماسة وحقا عظيما، أما ابن الزبير فإنه خب ضب، فإذا أمكنته فرصة وثب، فإن هو فعلها فقدرت عليه، فقطعه إربا إربا إلا أن يلتمس منك صلحا، فإن فعل فاقبل واحقن دماء قومك ما استطعت.»
خلافة يزيد
وآل الأمر على هذا النحو إلى يزيد في سنة ستين للهجرة، وهو بين الرابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين، ولكنه دون أنداده في تجارب الأيام، وليس حوله من المشيرين والنصحاء أمثال المغيرة وزياد وعمرو بن العاص، وغيرهم من القروم الذين كانوا حول أبيه؛ فتهيب ما هو مقدم عليه، وكتب إلى عامله بالمدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: أن «خذ حسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام».
فبعث الوليد إلى مروان بن الحكم يستشيره، وكان مروان يريد الخلافة لنفسه، ولكنه علم بعد موت معاوية وقيام يزيد أن الأمر اليوم أمر بني أمية، فإن خرج منهم فقد خرج منهم أجمعين، فنصح للوليد نصيحة ذات وجهين: ظاهرها الشدة في الدعوة ليزيد، وباطنها السعي إلى الخلاص من يزيد ومنافسيه. فقال: «أرى أن تبعث الساعة إلى هؤلاء النفر فتدعوهم إلى البيعة، أما ابن عمر فلا أراه يرى القتال، ولكن عليك بالحسين وعبد الله بن الزبير، فإن بايعا وإلا فاضرب أعناقهما.»
Unknown page