Abu Hanifa Wa QIyam Insaniyya
أبو حنيفة والقيم الإنسانية في مذهبه
Genres
أثره في أبي يوسف
نرى قاضي القضاة يتابع شيخه الإمام في أكثر الآراء التي جاءت عنه في كتابه «الآثار» إن لم نقل في آرائه كلها، ومن ذلك رأيه في أن الذي يأكل وهو صائم، يتم صومه ولا شيء عليه؛ ورأيه في الرجل يكون له الدين على آخر إلى أجل، فيعجل له بعضه قبل الأجل، ويحط عنه شيئا من الدين، فيقول لا بأس بذلك، إنما هو ماله تركه له.
1
وكذلك روى يوسف عن أبيه أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في العبد يحرزه العدو فظهر عليه المسلمون: إن وجده صاحبه قبل أن يقسم فهو له يأخذه؛ وإن وجده قد اقتسم، أخذه بالثمن، وكذلك المتاع.
2
وفي كتاب آخر له، يذكر فيه تفصيل الخلاف بين أبي حنيفة وبين الأوزاعي في مسألة الغنائم التي يغنمها المسلمون من الأعداء؛ هل يقسمونها قبل إخراجها من أرض العدو، أو ليس لهم هذا حتى يخرجوها إلى دار الإسلام ويحرزوها؟ ونحن نلخص هذه المسألة على هذا النحو:
3
يقول أبو حنيفة: إذا غنم جند من المسلمين غنيمة في أرض العدو فلا يقتسمونها حتى يخرجوها إلى دار الإسلام ويحرزوها. وقال الأوزاعي: لم يقفل رسول الله من غزوة أصاب فيها مغنما إلا خمسه وقسمه قبل أن يقفل؛ ومن ذلك غزوة بني المصطلق، وهوازن، ويوم حنين، ويوم خيبر.
ثم لم يزل المسلمون على ذلك بعده، في خلافة عمر بن الخطاب وخلافة عثمان رضي الله عنهما في البر والبحر، ثم هلم جرا، فلم يخرج جيش منهم من أرض الروم إلا بعدما يفرغون من قسم غنائمهم.
وبعد أن ذكر أبو يوسف هذين الرأيين المتعارضين، نراه يرد على استدلال الأوزاعي بقوله: إن الرسول
Unknown page