ودهشت الست سنية، ونظرت إلى محدثتها بعينين لا تكادان تصدقان .. موظف! إن الموظف فاكهة محرمة على زقاق المدق! وتساءلت قائلة: موظف؟ - أي نعم، موظف! - في الحكومة؟!
وسكتت أم حميدة هنيهة لتستمتع بظفرها، ثم استطردت: في الحكومة، وفي قسم البوليس بالذات.
فازداد عجب الست وقالت متسائلة: وماذا يوجد في القسم غير الضابط والعساكر؟!
فرمقتها المرأة بنظرة عارف لجاهل وقالت: يوجد موظفون أيضا .. اسأليني أنا .. أنا أعرف الحكومة والوظائف والدرجات والعلاوات .. هذه مهنتي يا ست!
فقالت الست سنية بدهشة يخالطها سرور لا يصدق: هو أفندي إذا! - أفندي بسترة وبنطلون وطربوش وحذاء! - الله يشرف قدرك يا ست أم حميدة. - إني أختار الطيب للطيب، وأعرف لكل إنسان قدره، ولو كان في أقل من الدرجة التاسعة ما وقع اختياري عليه.
فتمتمت الست سنية متسائلة: الدرجة التاسعة؟ - الحكومة درجات، ولكل موظف درجة، والتاسعة إحدى هذه الدرجات؛ ولكنها درجة ولا كل الدرجات يا حبيبتي!
فقالت الست وعيناها تتألقان سرورا: دمت من صديقة محبة عزيزة!
فاستدركت أم حميدة تقول بصوتها الواشي بالظفر والثقة: يجلس إلى مكتب كبير، تتكدس عليه الملفات والأوراق للسقف، والقهوة داخلة خارجة، هذا يرجوه وهذا يسأله، وهو ينهر هذا ويشتم ذاك، العساكر تحييه، والضباط تحترمه.
فابتسمت الست سنية، ولاحت في عينيها نظرة أحلام، وواصلت أم حميدة الحديث قائلة: مرتبه عشرة جنيهات لا تنقص مليما.
وصدقتها الست سنية فهتفت قائلة: عشرة جنيهات!
Bog aan la aqoon