فصل
ومن ذلك ما أخرجه البخاري(1) ومسلم(2) من طريق الزهري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي}))[البقرة:260].
النكارة في هذه الرواية
نكارة مكشوفة لأن إبراهيم عليه السلام لا يشك في إحياء الموتى، لكمال عقله ونظره ومعرفته بالله وبقدرته وعدله وحكمته وصدق وعده واختصاصه بكمال معرفة المعجزات التي تكون للأنبياء ومشاهدة الآيات العظيمة، قال الله تعالى: {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين}[الأنعام:75] فكيف يجوز أن يشك في إحياء الموتى؟ وهو استسلم لحكم الله وسلم لأمره وأذعن لذبح ولده! والذي رمى به أعداء الله في النار، وروي أنه قال له جبريل عند ذلك -وهو في الهواء-: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا.
فهل يبلغ بأحد يقينه بالله وتوكله عليه إلى هذا الحد؟ بل لأمر ما اتخذ الله إبراهيم خليلا: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين}[الأنبياء:51].
حاشا إبراهيم عليه السلام.
ولكن الزهري متهم بوضع هذه الرواية لتهوين أمر الشك؛ لأنه قد روى عن عمر في قصة الحديبية التي رواها ما يشعر بأن عمر كان قد شك في النبوة، كما نذكره بعد هذا.
فأما قول إبراهيم عليه السلام: {ولكن ليطمئن قلبي}[البقرة:260].
فله احتمالان:
Bogga 62