وفي الأفعال المذكورة واللجاج في الجدال وتكرار التعداد تنزيل لرسول الله عن درجة المعلم -بكسر اللام- إلى درجة المعلم -بفتح اللام- ورفع لعمر عن درجته إلى درجة أن يتصدى ليعلم رسول الله.
وهذا بعيد أن يحتمل لعمر، وإن يسكت عليه الحاضرون من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وغيرهم.
وليس كذلك مجرد التنبيه الذي في الرواية الأخرى التي من غير طريق الزهري بلفظ: فقام عمر، فأخذ بثوب رسول الله فقال: يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه، فقال رسول الله: ((إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم}))[التوبة:80].
فهذا تنبيه لتجويز السهو في متعلق الحكم كما صدر من بعضهم تنبيه أنه صلى خمسا.
وأخرج البخاري في صحيحه(1) عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله إحدى صلاتي العشاء -إلى قوله-: فصلى بنا ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع بده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه ووضعه خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهأبا أن يكلماه...إلى آخره.
ففي هذه الرواية دليل على هيبة رسول الله إلى حد أنه يعسر على أبي بكر وعمر أن يسألاه: هل قصرت الصلاة؟ فإذا قال: لماذا؟ قالا: لأنك صليت ركعتين، كما في الرواية نحو هذا عن ذي اليدين.
فإذا كانا قد هأبا أن يكلماه في هذه الحادثة، فكيف لا يهاب عمر أن يثب إليه ويعترض عليه ويجادله ويكثر عليه؟!
بل ذلك دليل على نكارة الرواية التي انفرد بها الزهري فهو المتهم بها.
Bogga 61