ومما قد يعترض به على دعوى تفرد الزهري برواية الخطبة: ما أخرجه الطبراني في معجمه الصغير(1) بسنده عن عبيد الله بن تمام عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل فقال النبي: ((إن كنت تزوجها فرد علينا ابنتنا)). انتهى.
فقد يقال: هذه متابعة في رواية الزهري إثبات الخطبة في الجملة، وإن لم يكن فيها من الزيادة ما في رواية الزهري.
والجواب: أن الرواية لا تكون متابعة للزهري إلا لو صحت عن عكرمة، فحينئذ يخرج الزهري من عهدة التفرد برواية الخطبة في الجملة، وإن اختلف سند الزهري وسند عكرمة، حيث رواية الزهري عن مسور، ورواية عكرمة -لو صحت- عنه عن ابن عباس.
مع أنه يمكن رد الروايتين معا، لتهمة عكرمة بنصرة بدعته، فقد اشتهر أنه من الخوارج، والخوارج أعداء علي عليه السلام فلا تشهد إحدى الروايتين للأخرى، وخصوصا مع احتمال أن أحدهما سمعها من الآخر، فولد لها سندا غير سند الآخر ليقويها، لقوة رغبته في الحط من رتبة علي عليه السلام، أو في سبه بنسبة إغضاب فاطمة عليها السلام إليه.
فهذا على فرض صحة الرواية عن عكرمة، أي صحة أنه قد روى أن عليا عليه السلام خطب بنت أبي جهل، لكن لم تصح الرواية عن عكرمة؛ لأن في سندها عبيد الله بن تمام، وهو بصري متهم أيضا بالنصرة للنواصب، كما أفاده الذهبي في الميزان بشأن أهل البصرة جملة، وذلك في ترجمة جعفر الصادق عليه السلام وترجمة جعفر الضبعي(2).
Bogga 38