ومع ذلك فقد تكلم فيه القوم، وهم غير متهمين فيه؛ لأنهم لا يتحاملون على أهل البصرة كما يتحاملون على أهل الكوفة، ففي كتاب الجرح والتعديل لعبد الرحمن بن أبي حاتم في ترجمة عبيد الله بن أبي تمام أفاد أنه بصري ثم قال فيه: أنبأنا عبد الرحمن قال سألت أبي عنه -أي عبيد الله بن تمام- فقال: ليس بالقوي ضعيف الحديث روى أحاديث منكرة، أنبأنا عبد الرحمن قال: سئل أبو زرعة عن عبيد الله بن تمام؟ فقال: ضعيف الحديث، وأمر بأن يضرب على حديثه. انتهى.
وفي كتاب المجروحين لابن حبان أنه من أهل واسط وأنه روى عنه البصريون وأنه ينفرد عن الثقات بما يشهد من سمعها ممن كان الحديث صناعته أنها معمولة أو مقلوبة، ثم قال: لا يحل الاحتجاج بخبره وفي حاشيته: عبيد الله بن تمام قال البخاري: عنده عجائب، أراه كان بواسط، ثم قال في الحاشية: ضعفه الدارقطني وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم، ثم رمز لمصدر هذه الحكايات التي في الحاشية(1)، التاريخ الكبير(2). انتهى.
فظهر أن هذا الرجل لا تصح روايته عن عكرمة، فهو متهم بأنه سمع رواية عن الزهري في إثبات الخطبة، فرغب في أن ينتحلها ويولدها سندا.
قال الطبراني: لم يروه عن خالد إلا ابن تمام تفرد به الأرزي. انتهى.
قلت: فهو متهم لتفرده بهذه الرواية المنكرة، لما قدمناه، ولا تصح روايته متابعة للزهري؛ لتأخره عن زمان الزهري.
هذا، وقد رويت الخطبة من جهات غير ما ذكرت، إلا أنها روايات مرسلة أو منقطعة الإسناد، فلا تصح متابعة للزهري لاحتمال أن أصلها من عنده؛ لأنها لم ترو بسند متصل من طريق ليس فيه الزهري، فلذلك قلنا باحتمال أن أصلها من عند الزهري، والأصل أنه لم يروها غيره، فلا يصح إثبات المتابعة بمجرد احتمال أن غيره قد رواها، بل الظاهر أنه الأصل فيها كلها لشهرتها عنه وتعدد طرقها إليها.
Bogga 39