2. ما يقرب من الإهمال للأثر الجوهري والعلاقة العميقة بين الرؤية الكونية والتقدم الاجتماعي والسياسي، وهذا من التيارات الدينية والليبرالية على السواء. فيتفق الطرفان إلى حد ما على أولوية التغييرات التشريعية والعرفية متجاهلين أثر الرؤية الكونية. ثم يشدد التيار الليبرالي على ضرورة الأخذ بالمفاهيم الغربية من حيث إنها نجحت في ظروفها. وهي رؤية العاجز عن خلق المفاهيم اللازمة لتغيير واقعه، والمستمدة من خصوصية فلسفته، واختلاف ظروفه. كما نجد التيار الديني العام يشدد على اعتقاد أن العودة إلى الله تعالى من خلال تعميق التقوى وزيادة الطاعات ستحل الأمور بنصر الله وتأييده وتدخله. وهذه رؤية سلبية ناشئة عن ثقافة قدرية، وتغفل تماما أن التقوى حالة نفسية، ولا بد منها في حركة الإنسان نحو الله تعالى في هذه الحياة، ولكنها ليست حالة فكرية تفسر له وجوده ودوره وإمكانياته، ومساحة الحركة المتاحة لديه،والجهة التي ينبغي أن يتحرك إليها. وهذه الأخيرة هي التي يتم بها بناء الحضارات، ومن خلالها تتقدم الشعوب.
. قناعة، لدى بعض من يرى ويدرك أهمية وأثر تلك العلاقة بين الرؤية الكونية وبين التقدم، بأنه لا يوجد بديل للرؤية الغربية للعالم إذا ما أردنا أن نصل إلى ما وصلوا إليه ولو بعد حين، وبأن الرؤية الإسلامية للحياة فيها عناصر شلل ذاتية، لا يمكن تجاوزها إلا بالخروج عن الدين نفسه. وبالتالي فالأولى طرح صياغة تعزل تلك الرؤية عن الحياة.
4. الواقع السلبي الذي نحن فيه، والذي يجعل من دور الفكر دورا تسويغيا ، إما للواقع وإما للانفعالات ضده. في حين أن الفكر في الحالات الطبيعية يكون هو المحفز للفعل والمحدد له.
Bogga 28