المثال السادس: ثبت عند ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس أنهم كانوا يَردُّون من دخل الحرم بلا إحرام (^١)، فلا يدخل أحدٌ الحرم إلا محرما، حتى لو لم يُرِدِ الحج أو العمرة.
قال ابن تيمية في شرح العمدة: هذا قول ابن عباس، وليس له مخالف (^٢).
فإن قيل: ماذا يقال في حديث ابن عباس فيما أخرج الشيخان عنه، لما ذكر المواقيت قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» (^٣)، مفهوم المخالفة: أن مَن لم يُرد الحج أو العمرة فلا يُحرم؟
يقال: قوله: «ممن أراد الحج والعمرة» خرج مخرج الغالب، وما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، وأيضا لو قدِّر أن هذا المفهوم على ظاهره، فقول ابن عباس منطوقٌ، والحجة المنطوقة مقدَّمةٌ على الحجة المفهومة.
وإلى هذا ذهب جمهور الحنفية (^٤)، والمالكية (^٥)، والحنابلة (^٦)، وهو قول عند الشافعية (^٧): أنه لا يدخل الحرم أحدٌ إلا محرما، ولو كان ممن لا يريد الحج أو العمرة.