يكتسي عثنونهُ زبدا ... فنصيلاهُ إلى نخرهْ
ثمَّ يعتمُّ الحجاجُ به ... كاعتمامِ الفوفِ في عشرهْ
ثم تذروهُ الرياحُ كما ... طارَ قطنُ الندفِ عن وترهْ
النصيلانِ عرقان يليان أنف البعير، ونخرته طرف أنفه: والحجاج محجر العين، والعشر نبتٌ إذا فتحَ كان فيه كالعروق البيض يسمى الفوف، والفوف البياض الذي يكون في أصول الأظفار، وبردٌ مفوفٌ مخطط.
وقال ابن المعتز في نوقٍ
فاضتْ بإزبادٍ مشافرها ... فكأنها عشرٌ تشققهُ
وقال طرفة في ناقتهِ
ترى بين لحييها إذا ما تزعمتْ ... لغامًا كبيتِ العنكبوتِ الممددِ
باب ٦٦
قال ابن الرومي يهجو المنسرح
خوانُ عيسى من نصفِ ترمسةٍ ... وصحفتاهُ من فلقتيْ عدسهْ
من ذرةٍ ذرةٍ جرادقهُ ... تخفَى على العينِ فهيَ ملتمسهْ
لو نخلتْ بالحريرٍ لانسربتْ ... من خللِ النسجِ غيرَ محتبسهْ
إذا افترستَ الرغيفَ أنَّ له ... كأنّ ليثًا هنالكَ افترسهْ
كأنما كلُّ لقمةٍ أكلتْ ... منزوعةٌ من يديهِ مختلسهْ
وقال أبو نواس المتقارب
أتانا بخبزٍ له حامضٍ ... شبيهِ الدراهمِ في حليتهْ
يضرسُ آكلهُ طعمهُ ... وينشبُ في الحلقِ من خشنتهْ
وقال أبو نواس في ابن أبي سهل بن نيبخت
وما خبزهُ إلا كاوي يرى ابنهُ ... ولم يرَ آوى في الحزونِ ولا السهلِ
وما خبزهُ إلا كعنقاء مغربٍ ... تصورُ في بسطِ الملوكِ وفي المثلِ
وقال بشار
دينارُ آلِ سليمانٍ ودرهمهمْ ... كالبابليينِ حفا بالعفاريتِ
لا يظهرانِ ولا يرجَى لقاؤهما ... كما سمعتَ بهاروتٍ وماروتِ
وقال ابن الرومي
أكلتُ رغيفًا عندَ موسى فملني ... وكان كهمّي من حبيبٍ مغربِ
يريدُ أكيلًا رزءهُ من طعامهِ ... كرزءِ كتابٍ من ترابٍ متربِ
باب ٦٧ في
الفعل المستحيل
قال الفرزدق
فأصبحتَ مما قد فعلتَ كقابضٍ ... على الماءِ لم ترجعْ بشيءٍ أناملهْ
وقال آخر
ومن يأمنِ الدنيا يكنْ مثلَ قابضٍ ... على الماء خانتهُ فروجُ الأصابعِ
وقال مسلمٌ
وإني وإشرافي عليكَ بهمتي ... لكالمبتغي زبدًا من الماء بالمخضِ
وقال الناجم
لم تحصلْ بمخضك الماء إلا ... زبدًا حين رمتَ بالجهلِ زبدا
وقال أبو العتاهية المنسرح
أصبحتَ لا تعرفُ الجميلَ ولا ... تفرقُ بينَ القبيحِ والحسنِ
إنَّ الذي يرتجي نداكَ كمنْ ... يجلبُ تيسًا من شهوةِ اللبنِ
وقال ابن مروان في غلام له ثقيل المنسرح
يبطئ حتى أكادُ أحسبهُ ... صادفَ تيساُ فظلَّ يحلبهُ
وقال آخر
وإني وتطلابي إليكَ بحاجتي ... لكالمستذيب الشحم من ذنبِ الكلبِ
وقال ابن حازمٍ المنسرح
يزدادُ لؤمًا على المديحِ كما ... يزدادُ نتنُ الكلابِ بالمطرِ
إنّ الذي يرتجي نداكَ لكال ... غاسلِ من ثوبهِ خرًا بخرِ
وقال آخر
فأصبحتُ من ليلَي الغداةَ كناظرٍ ... مع الصبحِ في أعقابِ نجمٍ مغربِ
ألا إنما أبقيتُ يا أمَّ مالكٍ ... صدى أينما تذهبْ به الريحُ يذهب
باب ٦٨ في
الحجام
قال آخر في حجامٍ
بيتٍ بناهُ له أبو ... هُ كأنهُ في السوقِ شامهْ
فيه خيولْ عكفٌ ... ما ينبعثنَ إلى القيامهْ
فيه يفزعُ من تغ ... ضبَ من غلامٍ أو غلامهْ
وقال في المحجمة
وخضراء لا من بناتِ الهدي ... رِ يلقفُ بالسيرِ منقارها
كأنّ مشقَّ عيونِ القطا ... إذا هنَّ هو من آثارها
وقال خلف بن سعيد يهجو حاجب نصرِ بن سيار المتقارب
وكان سلاحك في جونةٍ ... يعلقُ في سيرها ودعهْ
سلاحَ امرئٍ يدعُ الآدميَّ ... كأنَّ وراءَ أذنهِ هيقعهْ
بكلِّ أزومٍ إذا ركبتْ ... كأنكَ ألقمتها سلعهْ
وقال آخر يهجو ابنَ حجامٍ
يابنَ من يكتبُ في الأر ... قابِ من غيرِ دواتِ
لم يكنْ يكتبُ فيها ... غيرَ خطِّ الألفاتِ
وقال آخر في ابن حجام
أبوكَ أبٌ ما زال للناسِ موجعًا ... لأعناقهم نقرًا كما ينقرُ الصقرُ
1 / 58