جلوا عن عيونٍ قد كرينَ كلا ولا ... مع الصبح إذْ نادى أذانُ المثوبِ
وقال جرير
وهاجدِ موماةٍ بعثتُ إلى السرى ... وللنومُ أحلى عندهُ من جنى النحلِ
يكونُ نزولُ الركبِ فيها كلا ولا ... غشاشا فلا يدنينَ رحلًا إلى رحلِ
وقال أبو نواس المضارع
تركتَ مني قليلًا ... من القليلِ أقلاَّ
كالجزءِ يتجزَّى ... أقلَّ في اللفظِ من لا
وقال آخر يرثي ابنه
أضحى لأحمدَ في الثرى بيتٌ ... وخلا له من أهلهِ بيتُ
فكأنَّ مولدهُ وميتتهُ ... صوتٌ دعا فأجابهُ صوتُ
وقال أبو العتاهية
احذرْ من الدنيا مغيبتها ... كم صالحٍ عبثتْ به ففسدْ
ما بينَ فرحتها وترحتها ... إلا كما قامَ امرؤٌ وقعدْ
وقال حسان بن ثابت في موت عبد الله بن رواحة بعد موت جعفر ﵁ بموته المتقارب
وكانَ لباثكَ عن صاحبيكَ ... كملجمِ طرفٍ ولم يسرجِ
وقال العلوي الكوفي المتقارب
فشبهتُ سرعةَ أيامهم ... بسرعةِ قوسٍ يسمى قزح
تلونَ معترضًا في السماء ... فما تمَّ ذلك حتى نزحْ
باب ٥٩
قال أبو عيينة في ابن عمه
لا يعدنَّ في البنينَ يزيدُ ... خالدًا إنَّ خالدًا ليسَ بابنِ
وإذا مرَّ راكبًا حسبَ النا ... سُ على ظهرهِ جوالقِ تبنِ
وله فيه المتقارب
إذا ما تكلمَ في مجلسٍ ... رأيتُ البصاقَ على العنفقهْ
يسيلُ وأسمجْ به راكبًا ... كأنَّ على ظهرهِ مرفقهْ
وله فيه
يغدو الجوادُ بخالدٍ ... فكأنهُ يعدو بقربهْ
تيسٍ أنبَّ من التيو ... سِ كأنَّ لحيتهُ مذبَّهْ
باب ٦٠ في
النخل
قال العباس
رفضتُ بالبصرةِ أهلَ الغنى ... إني لأمثالهمُ رافضُ
قد جللوا بالقطفِ أعذاقهمْ ... كأنَّ حمى نخلهم نافضُ
وأنشد الجاحظ في صفة النخل
تخرجُ عندَ الطلعِ والتنغيضِ ... طلعًا كآذانِ الكلابِ البيضِ
وقال عبد الصمد بن المعذل يصف البلح
كأنهُ في ناضرِ الأغصانِ ... زمردٌ لاحَ على تيجانِ
حتى إذا تمَّ له شهرانِ ... وانسدلتْ عثاكلُ القنوانِ
فضلنَ بالياقوتِ والمرجانِ ... رأيتهُ مختلفَ الألوانِ
منْ قانئٍ أحمرَ أرجواني ... وفاقعٍ أصفرَ كالنيرانِ
مثلَ الأكاليلِ على الغواني
وقال ابن المعتز في نخلٍ
تخالُ ما جددنَ من نباتِ ... أجنحةً غيرَ منشراتِ
كأنها أذنابُ ناجياتِ ... ثمَّ تبدلْنَ بأوعياتِ
للعسلِ الماذيِّ ضامناتِ ... كقطعِ الياقوتِ يانعاتِ
بخالصِ التبرِ مقمعاتِ
وقال عمارةُ يصف النخلَ
أقمتُ لها العصرينِ ربًا ولم أكنْ ... كمنْ ضنَّ عنْ عمرانها بالدراهمِ
فجاءتْ تغالِي في النباتِ كأنها ... على شطِّ فيضٍ من فيوضِ الأعاجمِ
كأنَّ نقيضَ الليفِ في سعفاتها ... نقيضُ صرير الميسِ فوقَ العياهمِ
وما الأصلُ ما رويتَ مضروبَ عرقهِ ... من الماء عن إصلاحِ فرعٍ بنائمِ
ومثله قول النابغة
من الشارعاتِ الماءَ بالقاعِ تستقي ... بأعجازها قبلَ استقاءِ الحناجرِ
وقال آخر في نخلٍ
ضربنَ العرقَ في ينبوعِ عينٍ ... طلبنَ معينهُ حتى روينا
كأنَّ فروعهنَّ بكلِّ ريحٍ ... عذارى بالذوائبِ ينتصينا
بناتُ الدهرِ لا يخشينَ محلًا ... إذا لم تبقَ سائمةٌ بقينا
ولآخر
يخرجُ من كافورها إذا نزلْ ... كطلعةِ الأشمطِ من بردٍ سملْ
وقال الربيع بن أبي الحقيق اليهودي
ونخيلٍ في تلاعٍ جمةٍ ... تخرجُ الطلعَ كأمثالِ الأكفِّ
باب ٦١ في
الإعراض
قال الأعشى
يزيدُ يغضُّ الطرفَ عني كأنما ... زوى بين عينيهِ على المحاجمُ
فلا ينبسطْ من بينِ عينيكَ ما انزوى ... ولا تلقني إلا وأنفك راغمُ
وتمثل ابن العباس حين رأى زيادًا
إذا أبصرتني أعرضتَ عني ... كأن الشمس من قبلي تدور
وقال ابن الرومي
فتاةٌ بوجهٍ يطرفُ العينَ قبحهُ ... له طلعةٌ كالشمسِ في أعينِ الرمدِ
وقال العلوي الكوفي الهزج
فلما ورد الشيب ... بنوعين من الوردِ
1 / 56