تبسمَ إذ مازحتهُ فكأنما ... تكشفَ عن درٍ حجابُ زبرجدِ
ومثلهُ للواثق
لما استقلَّ بأردافٍ تجاذبهُ ... واخضرَّ فوقَ حجابِ الدرِّ شاربهُ
وقال ابن المعتز
كأنّ خطَّ عذارٍ فوقَ عارضهِ ... ميدانُ آسٍ على وردٍ ونسرينِ
وخطَّ فوقَ حجابِ الدرِ شاربهُ ... بنصفِ صادٍ ودالُ الصدغِ كالنونِ
وقال آخر
له من عيونِ الوحشِ عينٌ مريضةٌ ... ومن خضرةِ البستانِ خضرةُ شاربِ
كأنَّ غلامًا حاذقًا خطهُ له ... فجاءَ كنصفِ الصادِ من كفِ كاتبِ
باب ٥٧ في
وصف البرك والأبنية
قال البحتري للمعتز يهنئه ببناء.
لما كملتَ رويةً وعزيمةً ... أعملتَ رأيكَ في ابتناء
ذعرَ الحمامُ وقد ترنمَ فوقهُ ... من منظرٍ خطرِ المزلةِ هائلِ
وكأنَّ حيطانَ الزجاجِ بجوهِ ... لججٌ يمجنَ على جنوبِ سواحلِ
وكأنَّ تفويفَ الرخامِ إذا التقى ... تأليفهُ بالمنظرِ المتقابلِ
حبكُ الغمامِ رصفنَ بينَ منمرٍ ... ومسيرٍ ومقاربٍ ومشاكلِ
مليتهُ وعمرتَ في بحبوحةٍ ... من دارِ ملككَ ألفَ حولٍ كاملِ
ورأيتُ عبدَ اللهِ في السنِ التي ... تعدُ الكبيرَ بدهرها المتطاول
حدثٌ يوقرهُ الحجى فكأنه ... أخذ الوقارَ من المشيبِ الشاملِ
وقال علي بن الجهم المتقارب
وقبةُ ملكٍ كأنَّ النجو ... مَ تصغي إليها بأسرارها
لها شرفاتٌ كأنَّ الربيعَ ... كساها طرائفَ أنوارِها
فهنَّ كمصطبحاتٍ خرجنَ ... لعيدِ النصارى وإفطارها
فمن بينِ عاصبةٍ شعرها ... ومصلحةٍ عقد زنارها
وفوارةٍ ثارها في السماءِ ... فليستْ تقصرُ عن ثارها
وقال البحتري يصف بركةُ
يا من يرى البركةَ الحسناءَ رؤيتها ... والآنساتِ إذا لاحتْ مغانيها
ما بالُ دجلةَ كالغيري تنافسها ... في الحسنِ طورًا وأطوارًا تباهيا
كأن جنَّ سليمانَ الذين ولوا ... إبداعها فأدقوا في معانيها
فلو تمر بها بلقيس عن عرضٍ ... قالت هي الصرحُ تمثيلًا وتشبيها
تنصبُّ فيها وفودُ الماء معجلةً ... كالخيلِ خارجةً من حبلِ مجريها
كأنما الفضةُ البيضاءُ سائلةً ... من السبائكِ تجري في سواقيها
إذا علتها الصبا أبدتْ لها حبكًا ... مثل الجواشنِ مصقولًا حواشيها
إذا النجومُ تراءتْ في جوانبها ... ليلًا حسبتَ سماءَ ركبتْ فيها
لا يبلغُ السمكُ المحصورُ غايتها ... لبعدِ ما بينَ قاصيها ودانيها
يعمنَ فيها بأوساطٍ مجنحةٍ ... كالطيرِ تنقضُّ في جوٍ خوافيها
كأنها حين لحبتْ في تدفقها ... كفُّ الخليفةِ لما سالَ واديها
وقال أبو عون الكاتب المنسرح
بركةُ لهوٍ قد شادها ملكْ ... تظلُّ أرجاؤها بهِ تزهرْ
فصفرةُ التبرِ في مجالسها ... إلى وميضِ اللجينِ والمرمرْ
كوجهِ عذراءَ راعها خجلٌ ... فخدُّها في بياضهِ أحمرْ
طمتْ فظلتْ تفترُّ عنْ زبدٍ ... كدرِ عقدٍ من سلكهِ ينثرْ
ثم أفاضتْ على الرياضِ كما ... تفيضُ بالجودِ راحتا جعفرْ
كأنها حين تستقي ثمَّ تس ... قي الروضَ من صوبِ دجلةَ الأغزرْ
شربٌ أضافتهمُ الكرومُ فهمْ ... أبناءُ أعنابها التي تعصرْ
وقال ابن أبي طاهرٍ
فوارةٍ تمجُّ منها ماءًا ... كما أذبتَ الفضة البيضا
أمطرتِ الأرض بها السماءا
باب ٥٨ في
القلة
وقال زهير يصف أرضًا موحشةً
وتنوفةٍ عمياء لا يجتازها ... إلا المشيعُ ذو الفؤادِ الهادي
قفرٍ هجعتُ بها ولست بنائمٍ ... وذراعُ ملقيةِ الجرانِ وسادي
وعرفتُ أنْ ليستْ بدارِ إقامةٍ ... فكصفقةٍ بالكفِّ كانَ رقادي
وقال آخر
ما تطعمُ النومَ عيني من تذكركمْ ... إلا غشاشًا كنومِ الطائرِ الساري
وأنشدنا المبرد
ما أذوقُ النومَ إلا غرارًا ... مثلَ حسوِ الطيرِ ماءَ الثمادِ
وقال آخر في مثله
ونومٍ كحسوِ الطيرِ بتنا نذوقهُ ... على شعبِ الأكوارِ فوقَ الأيانقِ
وقال الفرزدق
1 / 55