وإذْ علمُ مجلسهِ موردٌ ... زلالٍ لتلكَ العقولِ الظماءِ
وزوارهُ للعطايا حضورٌ ... كأنَّ حضورهمُ للعطاء
لأبي نواس
ترى الناس أفواجًا إلى بابِ دارهِ ... كأنهمُ رجلا دبًى وجرادِ
وقال دعبلٌ في رجلٍ وليَّ السندَ
وقد كان هذا البحرُ ليس يجوزهُ ... سوى خائفٍ من ذنبهِ أو مخاطرِ
فأضحى لمنْ ينتابُ جودكَ عامرًا ... كأنَّ عليه محكماتِ القناطرِ
باب ٥٤ في
الريح
قال بن الرومي يصف ريحًا
وشمألٍ باردةِ النسيمِ ... ألوتْ على المهمومِ بالهمومِ
ونفستهُ نفسَ المهمومِ ... مشاءةً في الليلِ بالنميم
بين نسيمِ الأرضِ والخيشومِ
ومثلهُ قوله في ريحٍ
كأنَّ نسيمها أرجُ الخزامى ... ولاها بعدَ وسميٍّ ولي
هديةُ شمئلٍ هبتْ بليلٍ ... لأفنانِ الغصونِ بها نجِي
إذا أنفاسُها نسمتْ سحيرًا ... تنفسَ كالشجيِّ لها الخليُّ
وقال ابن المعتز
يا ربَّ ليلٍ سحرٌ كلهُ ... مفتضحُ البدرِ عليل النسيمْ
تلتقطُ الأنفاسُ بردَ الندى ... فيه فتهديه لحرِّ الهمومْ
لم أعرفِ الإصباحَ من ليلهِ ... فما بدا إلا بوجهِ النديمْ
وقال الطائي
أرسى بناديكَ الندى وتنفستْ ... نفسًا بعقوتكَ الرياحُ ضعيفا
وقال ابن الرومي
حيتكَ عنا شمال طافَ طائفها ... بجنةٍ فجرتْ روحًا وريحانا
هبتْ سحيرًا فناجى الغصنُ صاحبهُ ... سرًا بها وتنادى الطيرُ إعلانا
ورقٌ تغنى على خضرٍ مهدلةٍ ... تسمو بها وتمسُّ الأرضَ أحيانا
تخالُ طائرها نشوانَ من طربٍ ... والغصنَ من هزهِ عطفيهِ نشوانا
وقال البحتري
كأنَّ الريحَ والمطرَ المناجي ... خواطرها عتابٌ واعتذارُ
كأن مدارَ دجلةَ حين جاءتْ ... بأجمعها هلالٌ أو سوارُ
وقال سعيد بن حميد في نحوهِ
حركتهُ الرياحُ فاعتدلَ النب ... تُ ومالتْ طوالهُ بالقصارِ
عائذٌ بعضهُ ببعضٍ كقومٍ ... في عتابٍ مكررٍ واعتذارِ
وقال العلوي الكوفي
وكأنما أنوارها ... تهتزُّ بالريحِ العواصفْ
طررُ الوصائفِ يلتقي ... نَ بها إلى طررِ الوصائفْ
باب ٥٥ في
الصدغ
قال عبد الله بن المعتز المتقارب
وساقٍ مطيعٍ لأحبابهِ ... على الرقباءِ شديدُ الجرهْ
وفي عطفةِ الصدغِ خالٌ له ... كما استلبَ الصولجانُ الكرهْ
وقال أبو نواس
كأنّ مخطَّ الصدغِ في حرِ وجهها ... بقيةُ أنفاسٍ بأصبعِ لائقِ
وقال ابن المعتز
بكفِّ غزالٍ ذي عذارٍ وطرةٍ ... وصدغينِ كالقافين من جانبيْ سطرِ
وقال ماني
ماءُ النعيمِ بخدهِ متعصفرٌ ... والصدغُ منه كعطفةِ الراءِ
وقال ابن المعتز
ظبيٌ يتيهُ بحسنِ صورتهِ ... عبثَ الفتورُ بلحظِ مقلتهِ
فكأنَّ عقربَ صدغهِ وقفتْ ... لما دنتْ من نارِ وجنتهِ
وقال أيضًا
بليتُ بشادنٍ كالبدرِ حسنًا ... يعذبني بأنواعِ الدلالِ
غلالةُ خدهِ وردٌ جنيٌّ ... ونونُ الصدغِ معجمةٌ بخالِ
وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي الهزج
ظباءٌ كالدنانيرِ ... كنوسٌ في المقاصيرِ
جلاهنَّ السعانينُ ... علينا في الزنابيرِ
وقد عقر بنَ أصداغًا ... كأذنابِ الزرازيرِ
وقال ابن المعتز المنسرح
ما لحبيبي كسلانَ من فكرٍ ... وقد جفا حسنهُ وزينتهُ
والصدغُ قد صدَّ عن محاسنهِ ... كصولجانٍ يردُّ ضربتهُ
باب ٥٦
ومما يتصل بذلك قول ابن المعتز
له مقلةٌ ترمي القلوبَ ووجنةٌ ... تفتحُ فيها النورُ من كل جانب
وعذرَ خداهُ بخطين قوما ... كما أثرَ التسطيرُ في رقِّ كاتب
وفي هذا المعنى وإن لم يكن فيه تشبيه قول ابن الرومي
معذرٌ حولَ مورديهِ ... قد ضربَ الحسنُ على خديهِ
خديهِ ثمَّ الخالُ في خديهِ ... لبيهِ مقرونًا إلى سعديهِ
وقال ابن المعتز
وغزالٍ مقرطقِ ... في قباءٍ منطقِ
زينَ اللهُ خدهُ ... بعذارٍ معلقِ
وله
كأنَّ عذاريهِ على قمرٍ على ... قضيبٍ على دعصٍ رطيبِ الثرَى ندِ
1 / 54