Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Noocyada
طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى
الآية.
وهكذا كان الشعراني صوفيا بغير شيخ.
ويمضي الشعراني في وصف مجاهداته لنفسه، وهي مجاهدات لا يطيقها إلا رجال الله، بل لا يصبر على الاستماع إليها، ولا يجد مذاقها عند ذكرها إلا من أحبه الله وارتضاه لهداه، حتى يقبل قول الشعراني أنه حينما طعم التراب لما افتقد الحلال في مطعمه خاله لحما وسمنا ولبنا.
أجل، من ارتضاه الله للهدى، وأنار قلبه، يرتضي هذا القول من الشعراني، ويفسره تفسيرا روحيا، أليس كل شيء نأكله أصلا من التراب؟
ثم يعطف الشعراني على ثمرة هذه المجاهدات في خلقه وحياته فيقول: «إنه بلغ مقاما في الزهد حتى لو أمطرت السماء ذهبا وصار الناس ينتهبونه لم يجد داعيا إلى أخذ شيء منه إلا لأمر مشروع، ولو مر على تلال الذهب والفضة من غير مزاحم عليها من أبناء الدنيا، ولا حساب عليها في العقبى لم يتناول منها دينارا واحدا إلا لضرورة شرعية، فقد فني اختياره مع الله، وفقدت أعضاؤه الشهوة للمعصية أو الجاه، ثم حضوره دائما بقلبه مع الله، أو كما يقول: «ثم حضوري مع الله حال أكلي ومشربي كأني في الصلاة.»
وبلغ مقاما في الخلق من ضفافه شفقته على جميع المسلمين شفقة قلبية حتى ليتألم كما يتألم أخوه المؤمن، ويحس بشقائه كما يحس به، ثم صعوده فوق ذلك درجات لتشمل رحمته الدنيا بأسرها؛ إذ يقول: «ثم ستري لعورات الناس وعيونهم حتى العصاة.» وذلك لون من الخلق والرحمة لم يعرف لغير المتصوفة.
ثم تصدره للدعوة والإرشاد وإعلاء كلمة الله ، حتى إنه ليقف في وجه كبار العصاة والولاة هاتفا بكلمة الحق ودعوته؛ لأن روحه وقلبه عند الله لا عند الناس، ولأنه جعل أخلاقه مقاصد لا وسائل.
ثم ماذا؟ ثم كما يقول: «غيرتي على أذني أن تسمع زورا، وعلى عيني أن تنظر محرما، وعلى لساني أن يتكلم باطلا».»
ذلك بعض ما أخذ الشعراني به نفسه من تعبد وخلق قبل تصوفه، أو قبل أن يسلك الطريق إلى الله على أيدي شيوخه.
Bog aan la aqoon