Taariikhda Ummada Casriga Inbithaaq
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Noocyada
وتجمع المصادر العربية على أن إبراهيم هو الذي بنى الكعبة، وأن ابنه إسماعيل قد تزوج من جرهم التي كانت تتولى سدانة الكعبة، والتي ظلت السدانة فيها حقبا طويلة إلى أن انتزعتها خزاعة منها، ثم انتقلت السدانة إلى قريش.
29
وقد كان لهؤلاء العرب المستعربة الذين ولدوا من أم عربية هي السيدة رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمية، ومن أب هو النبي إسماعيل بن الخليل إبراهيم؛ أعمال جليلة في إقامة مشيخة سامية ترعى الكعبة وتؤمن سبل الحج إليها، كما تؤمن طريق التجارة، وتعمل على إقامة مدن وقرى في ذلك الوادي المقفر غير ذي الزرع، كما أنهم كانوا يعملون على نقل التجارة من الجنوب إلى الشمال وبالعكس، وقد ضاعت تواريخ هؤلاء القوم؛ لأن العلماء لم يقوموا بعد بدراسات أثرية أو علمية صحيحة في الحجاز، كما قامت الدراسات في اليمن والعراق والشام ومصر، ولا شك في أن التنقيبات الأثرية ستكشف حين وقوعها عن آثار حضارة لا تقل عن حضارات الجنوب والشمال، وليس لدينا اليوم من المصادر التي يمكن أن يعتمد عليها في تفهم تاريخهم إلا التوراة والقرآن، أما القرآن فمعلوماته جد قليلة؛ لأنه لم يهتم بالنواحي التاريخية، وإنما اهتم بالنواحي الدينية وما إليها، وأما التوراة فمعلوماتها عنهم تكاد تنحصر فيما يلي: ذكر سفر التكوين شيئا عن نسب أولاد إسماعيل، كما أشرنا إليه آنفا، وقلنا رأينا فيه، كما ذكر أيضا قصة يوسف وإخوته، وأنهم «أخذوه وطرحوه في البئر، وأما البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء، ثم جلسوا ليأكلوا طعاما، فرفعوا عيونهم ونظروا وإذا قافلة إسماعيليين مقبلة من جلعاد، وجمالهم حاملة كثيراء وبلسانا ولاذنا ذاهبين لينزلوا بها إلى مصر.»
30
وكان هذا الحادث في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وهؤلاء الإسماعيليون الذين أشارت إليهم التوراة، ثم الذين كانوا قادمين من ديار العرب إلى مصر للتجارة، وأنهم الذين اشتروا يوسف وباعوه بمصر كما هو معروف، وتذكر التوراة أيضا في سفر القضاة بعد هذا الحادث بنحو ستة قرون هؤلاء الإسماعيليين وتسميهم: «بني المشرق»،
31
وتذكرهم بعد ذلك بخمسة قرون في سفر أشعياء باسم «قيدار» بن إسماعيل، وتتنبأ بأن مجدهم سيزول،
32
ومنذ عهد أشعياء تذكر التوراة أن الإسماعيليين قد انقسموا قسمين: «أحدهما» بنو قيدار (قيذر)، والثاني بنو بنيت (بنايوت)، وبعد عهد أشعياء بقرن ونصف، حوالي القرن السادس قبل الميلاد - أي في عهد أرمياء - جاء الملك نبوخذ نصر، واكتسح ديار العرب، وغلب بني إسماعيل (أو بني المشرق)، وقد جاء هذا الجزء في التوراة على سبيل التحذير والوعظ مما أصاب أهل دمشق وحماة وبلاد العرب من النبلاء بسبب عصيانهم «... ارتجت دمشق، والتفتت للهرب، أمسكتها الرعدة، وأخذها الضيق والأوجاع كماخض، كيف لم تترك المدينة الشهيرة قرية فرحى؛ لذلك تسقط شبانها في شوارعها، وتهلك كل رجال الحرب، في ذلك اليوم يقول رب الجنود، وأشعل نارا في سور دمشق فتأكل قصور بن هدد، عن قيدار وعن ممالك صور، التي ضربها نبوخذ نصر ملك بابل، هكذا قال الرب: قوموا اصعدوا إلى قيدار ودمروا أبناء المشرق، إنهم يأخذون أخبيتهم وغنمهم، ويستولون على شققهم وجميع أدواتهم وإبلهم، وينادون عليهم بالخوف من كل جانب.
33
Bog aan la aqoon