Taariikhda Ummada Casriga Inbithaaq
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
Noocyada
والمصادر العربية تقول إنهما قد قصدا الحجاز، وإن برية فاران هذه ليست إلا مكة، وإن إسماعيل - عليه السلام - شب بين قبيلة جرهم، وتعلم من أبنائها العربية، وأعجبهم فزوجوه رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، وإن الماء الذي اهتدت إليه هاجر إنما هو بئر زمزم في مكة المكرمة، وإن إسماعيل بن إبراهيم قد ولد اثني عشر ولدا منهم نابت (نبيت) وقيدار، وهما أبوا العرب المستعربة.
يقول جرجي زيدان بعد أن ذكر قصة سفر إسماعيل وأمه: «يؤخذ من القرائن التي تقدمت أن عرب الشمال في الطور الثاني، تتصل أخبارهم بأقدم تاريخ تلك الجزيرة، ولا سيما إذا اعتبرنا حكاية إسماعيل تاريخية، وعددناها بدء تاريخ جديد لأولئك العرب؛ لأن الإسماعيلية يبدأ تاريخهم في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ومع ذلك فليس لدينا من أخبارهم القديمة ما يعول عليه، كأن هؤلاء العرب كانوا في سبات لم يستيقظوا إلا حوالي التاريخ المسيحي، والغالب أنهم كانوا خاملي الذكر؛ لأنهم لم ينشئوا دولا، وكانت دول العرب الأخرى في اليمن ومشارف الشام والعراق وغيرها تستخدمهم في نقل التجارة على القوافل بين ممالك ذلك التمدن، ويعبرون عنهم تارة بالإسماعيلية، وطورا بقيدار أو غيرهما ...»
25
وقول زيدان هذا لا يعتمد على نصوص منقولة، وإنما هو بحث شخصي، فلماذا لا نعتبر قصة هجرة إسماعيل قصة تاريخية واقعية جاءت بها التوراة ثم القرآن، وأثبتتها المصادر العربية القديمة ، وأن فاران التي ذكرتها التوراة ليست إلا اسما من أسماء مكة، أو هي على الأصح اسم جبل مكة، قال ياقوت: «فاران كلمة عبرانية معربة، وهي من أسماء مكة ذكرها في التوراة، وقيل هو اسم لجبال مكة.» وقال ابن ماكولا أبو نصر بن القاسم بن قضاعة القضاعي الفاراني الإسكندراني: «سمعت أن ذلك نسبة إلى جبال فاران، وهي جبال الحجاز.» وفي التوراة: «جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من فاران»، ومجيئه من سيناء: تكليمه لموسى، وإشراقه من ساعير - وهي جبال فلسطين - هو إنزاله الإنجيل على عيسى، واستعلانه من جبال فاران: إنزاله القرآن.»
26
فهذا يدل على أن فاران هي مكة أو جبالها، وقد وفق بين الروايتين جرجي زيدان، حيث يقول: «فالتوراة تقول إنه برية فاران، أو جبل فاران، وكلاهما عند العقبة شمالي جزيرة سيناء، والعرب يقولون إنه مكة بالحجاز، ويسهل تطبيق الروايتين متى علمنا أن جبال مكة أو جبال الحجاز تسمى أيضا فاران، فيكون المراد أن البرية التي أقام فيها إسماعيل برية الحجاز، أو أنه أقام حينا في سيناء، ثم خرج إلى الحجاز، وسكن هناك وتزوج، والتوراة لم يذكر إسماعيل بعد خروجه من بيت أبيه إلا عند حضوره دفنه هناك على عادتها من الاختصار فيما يخرج عن تاريخ أمة اليهود وأديانها، وليس لدينا مصادر أخرى تنافي هذه الرواية أو تؤيدها، ولا فائدة من الأخذ والرد فيها، فنتركها، ونعول على الثابت من أخبار عرب الشمال، أو المتواتر الذي لا يخالف العقل أو النقل ...»
27
والعرب من قحطانيين وعدنانيين قبل الإسلام وبعده ما زالوا يعتقدون أن إبراهيم هو أبو العرب، وأن ابنه إسماعيل هو جدهم ، وأنهما قد بنيا الكعبة، ففي القرآن الكريم:
وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين ،
28
Bog aan la aqoon