فأذهل مرضعة عن رضيع * وأنسى الحمائم ذكر الهديل إلى أن يختتم القصيدة بأبيات يؤكد فيها مقام أهل البيت وإمامتهم المدعمة بالكتاب والسنة فيقول:
فأنتم هداة حياة وموت * وأنتم أئمة فعل وقول
وسادات من حل جنات عدن * جميع شبابهم والكهول
وأنتم خلائف دنيا ودين * بحكم الكتاب وحكم العقول
ومن الواضح جدا أن الدولة الإدريسية كان لها الفضل الأكبر في إمتداد الإسلام إلى الرقعة الغربية من دولة الإسلام، وكان لها الأثر الأكبر في إنشاء المعالم الإسلامية البارزة.
ويذكر المؤرخون أن المدراس والمكتبات والحركة العلمية في عهد الأدارسة كانت في مستوى الحركة العلمية في المشرق الإسلامي، وغدت مستودعا بين عرب أسبانيا وعرب أفريقيا.
ولكن معرفة تراثهم الفكري وتاريخهم بشكل متكامل قليل جدا لا يتعدى صفحات عند بعض المؤرخين، بل كان لوقوع الأدارسة بين الدولة العباسية من جهة، والدولة الأموية من جهة أخرى بالإضافة إلى الهجمات التي تعرضوا لها من قبل الأغالبة المدعمين من الدولة العباسية، ثم الخوارج من بعدهم، وأخيرا عبيدالله المهدي، كان لذلك أثر كبير في ضياع تراثهم الفكري وقد يكون قد اندثر مع ما اندثر من التراث الإسلامي في المغرب الإسلامي إما في المغرب زمن ثورات الخوارج عليهم، أو أن الفاطميين أخذوا تراثهم الفكري إلى مصر، وأحرق مع مكتبة القاهرة زمن صلاح الدين الأيوبي ولعل بعض ثراثهم الفكري لا زال حبيس المكتبات المغربية كغيره من تراثنا الفكري ينتظر من يخرجه من عزلته.
ونحن نجد أنه لولا تلك الظروف القاهرة التي أحاطت بالدولة الإدريسية حتى سددت عليها منافذ الدعوة، لاستطاعت أن يكون لها أثر كيبر في التاريخ الإسلامي، ولكان لهم شأن أبعد من هذا.
Bogga 145