ويكفيهم أنهم عمموا الإسلام بين القبائل البربرية، ورسخوا قدم الإسلام في المغرب، وحفظوا له عروبته، حتى أصبحت تلك القبائل من أشد القبائل دفاعا عن الإسلام في الجزء الغربي في مختلف العصور (1).
ونحن إذا ما قارنا الدولة الزيدية في المغرب بالدولة الزيدية في الجيل والديلم أو اليمن. نجد أن الأدراسة اشتهروا كرجال دولة أكثر من شهرتهم كرجال علم، وذلك يعود إلى بعد الأدراسة عن مركز القاعدة الزيدية، ومنع الخلافة العباسية الإتصال بالدولة الإدريسية والهجرة إلى هناك بإقامة المسالح ونقاط التفتيش، ثم إقامة دولة الأغالبة كحاجز أخير يحصر الدولة الإدريسية في نطاق ضيق.
وكان الإنتقال إلى المغرب وخاصة على أهل البيت وأتباعهم أمرا عسيرا لأنهم كانوا محصورين، وقد عرفنا في مقرر المرحلة الثانية كيف كانوا يعرضون في المدينة زمن الإمام الحسين بن علي الفخي، وبعد معركة فخ اضطر من تبقى منهم للتنكر والتخفي، وقد عرفنا كيف أن الإمام إدريس بن عبدالله (ع) لم يصل إلى المغرب إلا بأعجوبة بعد أن تجاوز جميع نقاط التفتيش، وهذا هو ما جعل فكرة الإنتقال من المشرق إلى المغرب أمرا صعبا للغاية، ومستحيلا خاصة بعد ظهور الإمام إدريس (ع) في المغرب، ولذلك لم يكن تواجد أهل البيت هناك إلا بشكل فردين فقط، تمثل الأول في إدريس بن عبدالله، والثاني في ولده إدريس، إلى أن زاد عددهم من أولاد إدريس الثاني الذي يذكر المؤرخون أنه توفي وعدد أولاده اثنا عشر رجلا.
وأيضا فقد وقفت الظروف والحروب ضدهم حجر عثرة في طريق التقدم العلمي بالشكل المطلوب، فالإمام إدريس لم يمكث في المغرب سوى خمس سنوات، وإدريس الثاني توفي وعمره ست وثلاثون سنة فقط.
Bogga 146