Hordhac Taariikhda Falsafada Islaamka
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Noocyada
وكان أكثر خوضهم في استخراج مناقضات الخصوم ومؤاخذتهم بلوازم مسلماتهم، وهذا قليل النفع في جنب من لا يسلم سوى الضروريات شيئا أصلا، فلم يكن الكلام في حقي كافيا، ولا لدائي الذي كنت أشكوه شافيا.
نعم، لما نشأت صنعة الكلام وكثر الخوض فيه وطالت المدة، تشوق المتكلمون إلى مجاوزة الذب عن السنة بالبحث عن حقائق الأمور، وخاضوا في البحث عن الجواهر والأعراض وأحكامها، ولكن لما لم يكن مقصود علمهم لم يبلغ كلامهم فيه الغاية القصوى؛ فلم يحصل منه ما يمحو بالكلية ظلمات الحيرة في اختلاف الخلق، ولا أبعد أن يكون قد حصل ذلك لغيري، بل لست أشك في حصول ذلك لطائفة، ولكن حصولا مشوبا بالتقليد في بعض الأمور التي ليست من الأوليات، والغرض الآن حكاية حالي لا الإنكار على من استشفى به، فإن أدوية الشفاء تختلف باختلاف الداء، وكم من دواء ينتفع به مريض ويستضر به آخر.»
15
وتعريف ابن خلدون المتوفى سنة 806ه/1406م لعلم الكلام ملائم تمام الملاءمة لكلام الغزالي؛ فهو يقول: «علم الكلام هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة.»
16
وابن خلدون يصرح بما صرح به الغزالي، من أن العقائد الإيمانية أخذها السلف عن أدلتها من الكتاب والسنة، وإنما حدث علم الكلام حجاجا عن هذه العقائد، ودفعا في صدور البدع والشبهات التي أثارها المبتدعة حول عقائد السلف.
ويعرف عضد الدين الإيجي المتوفى سنة 756ه/1355م علم الكلام في كتاب «المواقف» بما نصه: «والكلام علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه، والمراد بالعقائد ما يقصد فيه نفس الاعتقاد دون العمل، وبالدينية المنسوبة إلى دين محمد.
صلى الله عليه وسلم ، فإن الخصم وإن خطأناه لا نخرجه من علماء الكلام.»
وفي «كشاف اصطلاحات الفنون» لمحمد بن علي التهانوي الذي فرغ من تصنيفه سنة 1158ه/1745م شرح لهذا التعريف، نقتبس منه فيما يلي ما يتعلق بغرضنا: «وهو (أي علم الكلام) علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية على الغير بإيراد الحجج ودفع الشبه ... وفي اختيار إثبات العقائد على تحصيلها إشعار بأن ثمرة الكلام إثباتها على الغير، وبأن العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليعتد بها، وإن كانت مما يستقل العقل فيه، ولا يجوز حمل الإثبات هنا على التحصيل والاكتساب، إذ يلزم منه أن يكون العلم بالعقائد خارجا عن علم الكلام ثمرة له ولا خفاء في بطلانه.
فحاصل الحد أنه علم بأمور يقتدر معها؛ أي يحصل مع ذلك العلم حصولا دائما عاديا، قدرة تامة على إثبات العقائد الدينية على الغير وإلزامها إياه بإيراد الحجج ودفع الشبه عنها.
Bog aan la aqoon