Hordhac Taariikhda Falsafada Islaamka
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Noocyada
فإيراد الحجج إشارة إلى وجود المقتضي، ودفع الشبه إلى انتفاء المانع، ثم المراد بالعقائد ما يقصد به نفس الاعتقاد كقولنا: الله - تعالى - عالم قادر سميع بصير، لا ما يقصد به العمل كقولنا: الوتر واجب؛ إذ قد دون للعمليات الفقه، والمراد بالدينية المنسوبة إلى دين محمد
صلى الله عليه وسلم
سواء كانت صوابا أو خطأ، فلا يخرج علم أهل البدع الذي يقتدر معه على إثبات عقائدهم الباطلة من علم الكلام.
ثم المراد جميع العقائد لأنها منحصرة مضبوطة لا يزاد عليها، فلا تتعذر الإحاطة بها والاقتدار عليها، وإنما تتكثر وجوه استدلالاتها وطرق دفع شبهاتها بخلاف العمليات، فإنها غير منحصرة فلا تتأتى الإحاطة بها، وإنما مبلغ من يعلمها التهيؤ التام.»
وتعريف الإيجي على هذا التفسير غير مختلف مع ما ذهب إليه الغزالي؛ فهو يرى أن العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليعتد بها، وإنما ثمرة الكلام إثبات العقائد على الغير ورد الشبه؛ لكن تعريف الإيجي يخالف تعريف الغزالي من ناحية، هي أن الغزالي يجعل علم الكلام أداة لعقائد السلف ودفاعا عن السنة، أما الإيجي فيجعل علم الكلام أداة دفاع لكل معتقد عن عقيدته، فدفاع المبتدع عن عقيدته بالبراهين العقلية كلام أيضا.
ويقول سعد الدين التفتازاني المتوفى سنة 792ه/1389م في كتاب «المقاصد» تعريفا للكلام: «الكلام هو العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية، وموضوعه المعلوم من حيث يتعلق به إثباتها، ومسائله القضايا النظرية الشرعية الاعتقادية، وغايته تحلية الإيمان بالإيقان، ومنفعته الفوز بنظام المعاش ونجاة المعاد؛ فهو أشرف العلوم، والمتقدمون على أن موضوعه الموجود من حيث هو، ويتميز عن الإلهي بكون البحث فيه على قانون الإسلام؛ أي ما علم قطعا من الدين، كصدور الكثرة عن الواحد، ونزول الملك من السماء وكون العالم محفوفا بالعدم والفناء، إلى غير ذلك مما تجزم به الملة دون الفلسفة، لا ما هو الحق ولو ادعاء لمشاركته الفلسفة ككلام المخالف ... وقيل موضوعه ذات الله وحده أو مع ذات الممكنات من حيث استنادها إليه لما إنه يبحث عن ذلك؛ ولهذا يعرف بالعلم الباحث عن أحوال الصانع من صفاته الثبوتية والسلبية، وأفعاله المتعلقة بأمر الدنيا والآخرة، أو عن أحوال الواجب وأحوال الممكنات في المبدأ والمعاد على قانون الإسلام ... واعترض بأن إثبات الصانع من أعلى مطالب الكلام، وموضوع العلم لا يبين فيه، بل فيما فوقه، حتى تنتهي إلى ما موضوعه بين الوجود كالموجود من حيث هو.»
وظاهر أن التفتازاني يخالف الإيجي في جعله الكلام شاملا لكلام المخالفين؛ فهو يخصه بالكلام القائم على قانون الإسلام؛ أي مما علم قطعا من الدين، والتفتازاني في هذا موافق للغزالي، وإن كان يعتبر علم الكلام تحصيلا للعقائد بالدليل العقلي ودفاعا عنها خلافا لرأي الغزالي.
والظاهر أن الشيخ محمد عبده المتوفى سنة 1323ه/1905م في رسالة التوحيد ينهج نهج التفتازاني فهو يقول: «التوحيد علم يبحث فيه عن وجود الله وما يجب أن يثبت له من صفات وما يجوز أن يوصف به، وما يجب أن ينفى عنه، وعن الرسل لإثبات رسالتهم وما يجب أن يكونوا عليه، وما يجوز أن ينسب إليهم، وما يمتنع أن يلحق بهم.»
17
وعرض طاش كبرى زاده المتوفى سنة 962ه/1457-1458م في كتاب «مفتاح السعادة ومصباح السيادة» لتعريف علم الكلام موضوعه مع ذكر الخلاف في هذا الموضوع، والخلاف في عد كلام المبتدعة من علم الكلام. قال: «الشعبة الخامسة من العلوم الشرعية علم أصول الدين المسمى بعلم الكلام، وهو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه عنها، وموضوعه ذات الله - سبحانه وتعالى - وصفاته عند المتقدمين، وقبل موضوعه الوجود من حيث هو موجود، وإنما يمتاز عن العلم الإلهي الباحث عن أحوال الوجود المطلق باعتبار الغاية؛ لأن البحث في الكلام على قواعد الشرع. وفي الإلهي على مقتضى العقول، وعند المتأخرين موضوع الكلام المعلوم من حيث يتعلق به إثبات العقائد الدينية المنسوبة إلى دين محمد - صلوات الله عليه وسلامه - وذلك بأن يسلم المدعى منه ثم يقام عليه البرهان العقلي، وهذا التسليم هو معنى التدين اللائق بحال المكلفين، حتى لو لم يؤخذ منه، لا يعد كلاما ولا علما دينيا، وإن وافقه في الحقيقة لفوات أمر التدين، بل يعد من الأمور الحكمية.
Bog aan la aqoon