226

Hordhac Taariikhda Falsafada Islaamka

تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية

Noocyada

قال أبو حيان التوحيدي المتوفى سنة 400ه/1009م في رسالة «ثمرات العلوم»:

11 «أما الفقه فإنه دائر بين الحلال والحرام، وبين اعتبار العلل في القضايا والأحكام، وبين الفرض والنافلة، وبين المحظور والمباح، وبين الواجب والمستحب، وبين المحثوث عليه والمنزه عنه ...»

12 «وأما علم الكلام؛ فإنه باب من الاعتبار في أصول الدين يدور النظر فيه على محض العقل في التحسين والتقبيح والإحالة والتصحيح والإيجاب والتجويز والاقتدار والتعديل والتجويز

13

والتوحيد والتكفير، والاعتبار فيه ينقسم بين دقيق يتفرد العقل به، وبين جليل يفزع إلى كتاب الله - تعالى - فيه.

ثم التفاوت في ذلك بين المتحلين به على مقاديرهم في البحث والتنقير والفكر والتحبير، والجدل والمناظرة، والبيان والمناضلة، والظفر بينهم بالحق سجال، ولهم عليه مكر ومجال، وبابه مجاور لباب الفقه والكلام فيهما مشترك، وإن كان بينهما انفصال وتباين، فإن الشركة بينهما واقعة والأدلة فيهما متضارعة، ألا ترى أن الباحث عن العالم في قدمه وحدثه وامتداده وانقراضه يشاور العقل ويخدمه ويستضيء به ويستفهمه، كذلك الناظر في العبد الحاني هل هو مشابه للمال فيرد إليه، أو مشابه للحر فيحمل عليه؛ فهو يخدم العقل ويستضيء به.»

14

نعم إن الفارابي في «إحصاء العلوم» لم يقصد إلى بيان الكلام الإسلامي ، والفرق بينه وبين الفقه على مصطلح أهل الإسلام، بل قصد الكلام في العلوم الدينية جملة فجعلها طائفتين: طائفة تبحث فيما يقتدر به الإنسان على الاستنباط من نصوص الدين المأخوذة تسليما، وطائفة تبحث فيما يقتدر به الإنسان على نصرة ما جاء به الدين من العقائد والأحكام وتزييف كل ما خالفه بالبراهين العقلية؛ ولهذا التقسيم في نفسه وجه ظاهر، وللتسمية بالفقه والكلام وجه، ولكن تطبيق ما يراه الفارابي على المعروف من مصطلح المسلمين ليس بظاهر.

أما كلام أبي حيان التوحيدي؛ فلا يخالف الاصطلاح المعروف إلا في قوله: إن الفقه والكلام يشتركان في استخدام العقل، وتتضارع أدلتهما في قيامه على النظر العقلي، وتلك نظرة فيلسوف يقوي سلطان العقل ويوسع ميدانه من غير مخالفة للواقع ذات خطر، فإن الاستنباط الفقهي يحتاج إلى العقل خصوصا إذا كان معتمدا على القياس.

أما المتكلمون فليست تعاريفهم للكلام متفقه من كل وجه، فالغزالي المتوفى سنة 505ه/1111م يقول: «القول في بيان مقصود علم الكلام وحاصله: ثم إني ابتدأت بعلم الكلام فحصلته وعقلته، وطالعت كتب المحققين منهم، وصنفت فيه ما أردت أن أصنف، فصادفته علما وافيا بمقصوده غير واف بمقصودي، وإنما مقصوده حفظ عقيدة أهل السنة وحراستها عن تشويش أهل البدعة؛ فقد ألقى الله - تعالى - إلى عباده على لسان رسوله عقيدة هي الحق على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، كما نطق بمعرفته القرآن والأخبار، ثم ألقى الشيطان في وساوس المبتدعة أمورا مخالفة للسنة، فلهجوا بها وكادوا يشوشون عقيدة الحق على أهلها، فأنشأ الله - تعالى - طائفة المتكلمين، وحرك دواعيهم لنصرة السنة بكلام مرتب يكشف عن تلبيسات أهل البدعة المحدثة على خلاف السنة المأثورة، فمنه نشأ علم الكلام وأهله؛ فلقد قام طائفة منهم بما ندبهم الله - تعالى - إليه، فأحسنوا الذب عن السنة والنضال عن العقيدة المتلقاة بالقبول من النبوة، والتغيير في وجه ما أحدث من البدعة، ولكنهم اعتمدوا في ذلك على مقدمات تسلموها من خصومهم، واضطرهم إلى تسليمها إما التقليد أو إجماع الأمة أو مجرد القبول من القرآن والأخبار.

Bog aan la aqoon