ثم إنه يأتي بعد ذلك بشكوك ثلاثة ثم يحلها: أحدها: انه لقائل ان يقول انه ليس يجب في الأرض التي في هذا العالم أن تتحرك إلى الأرض التي في ذلك العالم (ولا في التي في ذلك العالم ان تتحرك إلى التي في هذا العالم). وانما تتحرك الأرض في العالم الواحد بعينه إلى الموضع الذي لها في ذلك العالم بعينه، لأن ذلك الموضع أقرب إليها من الموضع الذي في العالم الثاني. وكذلك في النار وفي غيرها من سائر الاسطقسات. لكن إذا تؤمل هذا القول ظهر أنه ليس ااقرب ولا للبعد تأثير في حركات الأسطقسات إلى مواضعها الطبيعية، وذلك انها تتحرك على القربكما تتحرك على البعد، إذ كان السبب في حركتها ليس شيئا أكثر من ضورها الطبيعية. والشك الثاني أن يقول قائل امها تكون ساكنة في كل واحد من العالمين والذي يسلم هذا يرفع جميع الحركات الطبيعية، (وذلك أن) هذا انما يسوغ القول به بأن نفرض أن جميع الحركات المحسوسة لها هي قسر. وكيف ليت شعري يوجد للشيء حركة قسرية ان لم تكن له حركة طبيعية، أو كيف يوجد له الحركتان المتضادتان معا ان لم تكن احداهما طبيعية والأخرى قسرية. واما الشك الثالث فهو هكذا (ان) لقائل أن يقول كما أن الأرض واحدة بالصورة النوع كثيرة يالعدد، كذلك ليس يمتنع أن تكون المواضع واحدة بتاصورة والنوع كثيرة بالعدد. وإذا كان ذلك كذلك، لم يمتنع أن تكون الأرض التي في ذلك العالم تتحرك إلى موضعها فيه، والأرض التي في هذا العالمتتحرك إلى موضعها فيه. وحل هذا الشك يكون بأن نقول: ان كانت حركاتها إلى مواضع كثيرة بالعدد، في العوالم الكثيرة بالعدد، فلا يخلو أن يكون السبب في ذلك اما كثرتها في الصورة، أعني كثرة ⎤الأسطقس⎡ الواحد بعينه، أو كثرتها في العدد (في العوالم الكثيرة بالعدد) لكن ان فرضنا السبب في ذلك كونهما مختلفين بالصورة، لزم أن تكون طبيعة الأرض التي في ذلك العالم غير طبيعية الأرض التي في هذا العالم، حتى تكون مختلفة بالنوع، وذلك مستحيل. وان فرضنا السبب كثرتها بالعدد لزم ان تكون الأرض مثلا التي في العالم الواحد بعينه تتحرك أجزاؤها الى مواضع كثيرة بالعدد، فإنه لا فرق بين الكثرة التي لها في العالم الواحد بعينه، او في العالمين معا، إذا وضعنا الأرض التي في ذلك العالم أو في هذا واحدة بالصورة، كما هو اللازم (11و) [22 و] لأنه انما تغاير الأرض التي في هذا العالم للأرض التي في ذلك العالم بالعدد [8 ظ: ع] كما تغاير أجزاء الأرض لبمحسوسة هاهنا بعضها بعضا. وقد تبين أنه يستحيل أن تكون الأجزاء المتغايرة بالعدد (من الاسطقسات تتحرك إلى مواضع متغايرة بالعدد) فمتى وضعنا ان الأرضين الكثيرة بالعدد تتحرك إلى موضع واحد بالعدد، على ما هو المشاهد من أمرها، لم >يكن< يمكن أن يقرض للاسطقسات مواضع كثيرة بالعدد. قال: فإن كان لا يمكن أحدا أن ينقض هذه المقدمات والمقاييس، كان الوسط واحدا بالعدد، والأفق واحدا بالعدد، اضطرارا. وإذا كان الأفق واحدا والوسط واحدا فالسماء واحدة والعالم واحد ضرورة.
الفصل الرابع
Bogga 128