180

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Noocyada

[3.140]

{ إن يمسسكم قرح } قرئ بالفتح والضم وهما مصدران، او القرح بالفتح مصدر وبالضم اسم المصدر بمعنى الم الجراح { فقد مس القوم قرح مثله } ببدر او فى تلك الغزوة { وتلك الأيام } اى ايام الغلبة والسرور والنعمة فانه يكنى بالايام عن النعمة والسرور فيقال: هذه ايام فلان يعنى وقت سروره ونعمته { نداولها } اى نديرها بالنوبة { بين الناس } فنعطى السرور والظفر والغنيمة يوما للمؤمنين ويوما للكافرين لئلا يغتر المؤمنون ويسكنوا الى الدنيا ويجعلوا ايمانهم وسيلة لراحة دنياهم ولئلا يدخل المنافقون فى الاسلام طلبا للدنيا فيزاحموا الانبياء ويفتنوا المؤمنين { وليعلم الله الذين آمنوا } اى ليظهر علمه بالذين اسلموا حقيقة او ليعلم نبيه الذى هو مظهر اسمه الجامع الذى هو الله ولذلك التفت من التكلم الى الغيبة { ويتخذ منكم } بالابتلاء والامتحان { شهدآء على الناس } او امناء فى الشهادة او رجالا لا يغيب عن علمهم شيء كالاوصياء والاولياء او قتلى فى سبيل الله ويظهر ظلم الظلمة منكم ومن الكفار بسبب الغلبة والمغلوبية واكتفى عنه بقوله { والله لا يحب الظالمين } فانه يدل عليه مع شيء زائد والمراد بنفى المحبة فى مثل المقام اثبات الغضب عليهم كما مر مرارا.

[3.141]

{ وليمحص الله الذين آمنوا } من الاهوية والاغراض الفاسدة بسبب المغلوبية ومن الذنوب بسبب تحمل الاذى، او ليميز الله الذين آمنوا من الذين كفروا ممن انتحل الاسلام، او ليميز الله الذين آمنوا من الذين كانوا كافرين باعلان كلمة المؤمنين { ويمحق الكافرين } من حيث ذواتهم باهلاك بعض واسر بعض واجلاء بعض، او من حيث كفرهم بادخالهم طوعا او كرها فى الاسلام.

[3.142]

{ أم حسبتم } اضراب عما يستفاد من تلك التسلية سواء جعل ام بمعنى بل مع الهمزة او بمعنى بل فقط كأنه قال: ما تثبتم على الايمان وعلى الجهاد بل حسبتم { أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } لما يظهر جهاد منكم فلم يظهر على الله بجهادكم او لم يعلم الله الجهاد منكم فى مقام مظاهره الذين هم الانبياء (ع) واوصياؤهم والفرق بين لم ولما ان لم لنفى الماضى من غير التفات الى استمراره الى الزمان الحاضر ومن غير ترقب وقوع المنفى بعد الزمان الحاضر، ولما لنفى الماضى مع الاستمرار الى الزمان الحاضر وترقب وقوع المنفى بعده؛ والجملة حالية، { ويعلم الصابرين } على الجهاد او عن الجهاد وقرئ بالنصب باضمار ان بعد الواو بمعنى مع، وبالرفع على ان يكون الجملة حالا بتقدير مبتدء او على ان تكون معطوفة على لما يعلم الله، ويكون المعنى ويعلم الصابرين عن الجهاد ولما يعلم المجاهد.

[3.143]

{ ولقد كنتم تمنون الموت } بالشهادة والجملة حالية، روى ان المؤمنين لما اخبرهم الله تعالى بالذى فعل بشهدائهم يوم بدر فى منازلهم فى الجنة رغبوا فى ذلك فقالوا: اللهم ارنا قتالا نستشهد فيه فاراهم الله يوم احد اياه فلم يثبتوا الا من شاء الله منهم وانهزموا وفروا عن القتل والموت فقال تعالى: { ولقد كنتم تمنون الموت } ببدر { من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه } بمشاهدة قتلاكم من اخوانكم المؤمنين وضمير تلقوه ورأيتموه راجع الى الموت باعتبار لقاء اسبابه ورؤية اسبابه { وأنتم تنظرون } ترون الموت باعينكم فيكون تأكيدا لرأيتموه لرفع احتمال ان يكون المراد رؤية القلب او تتفكرون او تتأنون.

[3.144]

{ وما محمد إلا رسول قد خلت } اى مضت { من قبله الرسل } بالموت او القتل فيخلو لا محالة { أفإن مات } باجله من دون اسباب خارجية وآلات قتالة فان المتبادر من الموت هذا خصوصا حين استعماله مقابل القتل وقد اشير فى الاخبار وصرح بأنه غير القتل { أو قتل انقلبتم } عن الدين { على أعقابكم } شبه الراجع عن الدين الذى هو طريق النفس بالراجع عن الطريق الظاهر وانما قال على اعقابكم للاشارة الى ان الانسان ان ارتد عن دينه كان وجهه الى مقصده بحسب فطرته مثل من ارتد عن طريق على عقبه حيث يكون وجهه الى مقصده الاول وذكر فى نزول الآية انه لما فشا يوم احد فى الناس ان محمدا (ص) قتل قال بعض المسلمين ليت لنا رسولا الى عبد الله بن ابى فيأخذ لنا امانا من ابى سفيان، وبعضهم جلسوا والقوا ما بايديهم وقال اناس من اهل النفاق: ان كان محمد (ص) قد قتل فالحقوا بدينكم الاول فقال انس بن نضر عم انس بن مالك: يا قوم ان كان قد قتل محمد (ص) فان رب محمد (ص) لم يقتل وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله (ص) فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله (ص) وموتوا على ما مات عليه، ثم ان رسول الله (ص) انطلق الى الصخرة وهو يدعو الناس فاول من عرف رسول الله (ص) كعب بن مالك قال: فناديت بأعلى صوتى: يا معاشر المسلمين ابشروا فهذا رسول الله (ص) فاشار الى ان اسكت فانحازت اليه طائفة من اصحابه فلامهم النبى (ص) على الفرار فقالوا: فديناك بآبائنا وامهاتنا اتانا الخبر بانك قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين فأنزل الله تعالى: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } (الى آخر الآية) وكان سبب هزيمة المسلمين يوم احد ان رسول الله (ص) لما سمع اجتماع المشركين لحربه وكانوا ثلاثة الاف فارس والفى راجل واخرجوا معهم النساء جمع اصحابه وحثهم على الجهاد ومنع عبد الله بن ابى اصحابه عن الخروج وقال سعد بن معاذ وامثاله: نخرج من المدينة وقبل رسول الله (ص) رأيه وخرج من المدينة ووضع رسول الله عبد الله بن جبير على باب الشعب واكد عليهم فى ثباتهم فى مراكزهم ووضع ابو سفيان خالد بن وليد فى مأتى فارس كمينا وقال: اذا اختلطنا فاخرجوا عليهم من هذا الشعب حتى تكونوا وراءهم وعبأ رسول الله (ص) اصحابه ودفع الراية الى امير المؤمنين (ع) فحمل الانصار على مشركى قريش فانهزموا هزيمة قبيحة ووقع اصحاب رسول الله (ص) فى سوادهم وانحط خالد بن وليد فى مأتى فارس على عبد الله بن جبير فاستقبلوهم بالسهام فرجع ونظر اصحاب عبد الله بن جبير الى اصحاب رسول الله (ص) ينهبون سواد القوم فقالوا لعبد الله: قد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة.

Bog aan la aqoon