Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Noocyada
[3.136]
{ أولئك } الاتيان باسم الاشارة البعيدة لاحضارهم باوصافهم العظيمة ولتفخيم شأنهم { جزآؤهم مغفرة من ربهم وجنات } هذه الجملة تأكيد لما استفيد من قوله { اعدت للمتقين } فانه افاد ان الجنة والمغفرة جعلت نزل المتقين لانها كانت جزاءهم ولكونها فى مقام التأكيد اتى بها مؤكدة باسمية الجملة وتكرار النسبة بجعلها ذات وجهين كبرى وصغرى وبسط فى الكلام ولم يكتف بذكر المغفرة والجنة وجمع الجنات ووصفها بقوله تعالى { تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } ومدحها بما يرتفع المنة به عنهم وانها اجر عملهم فقال: { ونعم أجر العاملين } المغفرة والجنات، روى انه لما نزلت هذه الآية صعد ابليس جبلا فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا اليه فقالوا: يا سيدنا لما دعوتنا؟ - قال: نزلت هذه الآية فمن لها؟ - فقام عفريت من الشيطان فقال: انالها بكذا وكذا، قال لست لها، فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال: لست لها، فقال الوسواس الخناس: انالها، قال بماذا؟ - قال اعدهم وامنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فاذا واقعوا الخطيئة انسيتهم الاستغفار فقال: انت لها، فوكله بها الى يوم القيامة.
[3.137]
{ قد خلت } استئناف جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: هذا للمتقين فما لغيرهم؟ - فقال: قد خلت اى مضت { من قبلكم سنن } جمع السنة وهى السيرة والطريقة والمقصود انه مضت طرائق كانت عليها الامم الماضية من المتقين المصدقين والفاسقين المكذبين { فسيروا في الأرض } اى ارض عالم الطبع لاستعلام سير المصدقين والمكذبين حتى تعلموا حالهما وعملهما وصنع الله فيهما وفى اعقابهما فى الدنيا والآخرة بمشاهدة آثار صنع الله بهما وباستعلام اخبار الانبياء بحالهما فى الآخرة ثم تفكروا { فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } حتى تعتبروا من حالهم وتجتنبوا مثل افعالهم، او سيروا فى ارض القرآن والكتب السماوية، او فى ارض اخبار الانبياء واوصيائهم، او فى ارض السير والتواريخ، او فى ارض وجودكم وعالمكم الصغير فان اهل عالمكم الماضين كل منهم فى مقامهم كانوا مدعين للانانية والاستقلال ومكذبين بلسانهم الحالى لمن يقول انتم فى الطريق والهلاك من هذه الحياة ولا بد لكم الفناء من هذا الوجود ثم البقاء والحياة بوجود آخر اشرف واكمل.
[3.138]
{ هذا } القرآن بآياته او هذا المذكور من ذكر حال المتقين ومآلهم وذكر المكذبين والاشارة الى عاقبتهم الفضيحة، او هذا المذكور من السنن الماضية من المتقين والمكذبين، او السير فى الارض، او فضيحة عاقبة المكذبين { بيان } اى ظاهر او مظهر او اظهار { للناس } عامة { وهدى } هاد او هداية { وموعظة } واعظ او وعظ { للمتقين } خاصة فان شرط الهداية والوعظ قبول القابل لانهما امران اضافيان.
[3.139]
{ ولا تهنوا } عطف على سارعوا لان الفاصل بينهما من متعلقات المعطوف عليه اى لا تضعفوا عن الجهاد بما اصابكم يوم احد وقد اصبتم مثليه يوم بدر { ولا تحزنوا } على قتلاكم لانهم بلغوا بالقتل مقاماتهم العالية من الجنان وعانقوا ازواجهم من الحور العين، ولا على ما فات منكم من الغنيمة { وأنتم الأعلون } بالصعود على الجبل او انتم الاعلون شأنا لانكم على الحق وعدوكم على الباطل وقتلاكم فى الجنة وقتلاهم فى النار، او انتم الاعلون فى العاقبة بالغلبة عليهم وعلى اى تقدير فهو تسلية قيل: نزلت الآية تسلية للمؤمنين لما نالهم يوم احد من القتل والجراح، وقيل: لما انهزم المسلمون اقبل خالد بن وليد بخيل من المشركين يريد ان يعلو عليهم الجبل فقال النبى (ص) لا يعلن علينا ووثب نفر رماة فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم وعلا المسلمون الجبل ونزلت الآية، وقيل: نزلت بعد يوم احد حين امر الله رسوله (ص) بطلب القوم وقد أصابهم من القتل والجراح ما أصابهم وقال رسول الله (ص)
" لا يخرج الا من شهد معنا بالامس "
فاشتد ذلك على المسلمين فنزلت الآية { إن كنتم مؤمنين } يعنى ان كنتم باقين على الايمان كنتم اعلون او هو شرط تهييجى لقوله: { لا تهنوا }.
Bog aan la aqoon