Tafsirka Cabdulqaadir Jeylaani
تفسير الجيلاني
Noocyada
{ ثم إذا كشف الضر عنكم } بعد استغاثتكم ورجوعكم نحوه؛ إذ لا كاشف سواه { إذا فريق } أي: فجاء طائفة { منكم بربهم } الذي يدفع أذاهم، ويكشف ضربهم { يشركون } [النحل: 54] له غيره من الأصنام والتماثيل العاطلة التي لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فكيف لغيرهم؟!.
وإنما فعلوا ذلك وأشركوا { ليكفروا بمآ آتيناهم } من النعم، ولم يقوموا بشكرها عنادا ومكابرة، بل أسندوها إلى ما لا شعور لها أصلا ظلما وزورا { فتمتعوا } أيها المشركون بنا، الكافرون لنعمنا { فسوف تعلمون } [النحل: 55] ما تكسبون لنفوسكم من العذاب المخلد، والعقاب المؤبد.
[16.56-64]
والعجب كل العجب ينكرن بنا، مع أنا متصفون بجميع أوصاف الكمال، منعمون لهم بالنعم الجليلة الجزيلة { ويجعلون } ويعينون { لما لا يعلمون } أي: لآلهتهم التي لا يعلمون ولا يفهمون منهم حصول الفائدة لهم، وجلب النفع إليهم أصلا؛ إذ هي جمادات نحتوها بأيديهم { نصيبا } أي: حظا كاملا { مما رزقناهم } وسقنا نحوهم جهلا وعنادا، ومع ذلك خيلوا أنهم لا يسألون عنها، ولا يؤاخذون عليها، بل يثابون بها على زعمهم الفاسد، ورأيهم الكاسد { تالله لتسألن } أيها المسرفون { عما كنتم تفترون } [النحل: 56] علينا بإثبات الشركاء، وإسناد نعمنا إليهم افتراء ومراء.
{ و } من جملة متفرياتهم بالله المنزه عن الأشياء والأولاد: إنهم { يجعلون } ويثبتون { لله البنات } حيث يقولون: الملائكة بنات الله، مع أنهم يكرهونها لأنفسهم { سبحانه } وتعالى عما يقولون علوا كبيرا { ولهم } أي: يثبتون لأنفسهم { ما يشتهون } [النحل: 57] من البنين.
{ و } الحال أنهم { إذا بشر أحدهم بالأنثى } أي: بولادتها { ظل وجهه مسودا } أي: صار وجهه أسود من غاية الحزن والكراهة { وهو } حينئذ { كظيم } [النحل: 58] ممتلئ من الغيظ والبغض على الزوجة والوليدة.
وصار من شدة الغم والهم إلى حيث { يتوارى } ويستتر { من القوم } استحياء { من سوء ما بشر به } أي: الوليدة المبشرة بها، وتردد في أمرها { أيمسكه على هون } أي: هوان ومذلة { أم يدسه } ويخفيه { في التراب } غيرة وحمية { ألا سآء ما يحكمون } [النحل: 59] لأنفسهم ما يشتهون، والله المنزه عن الولد ما يكرهون.
ثم قال سبحانه: { للذين لا يؤمنون بالآخرة } المعدة لعرض الأعمال على الله والجزاء منه على مقتضاها { مثل السوء } في حق الله المنزه عن الأهل والولد، سيما نسبتهم إليه ما يستقبحه نفوسهم من إثبات البنات له، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا { ولله المثل الأعلى } هو الغني عن العالم ما فيها، فكيف الزواج الإيلاد، واللذين هما من أقوى أسباب الإمكان النافي للوجوب الذاتي الذي هو من لوازم الألوهية والربوبية { وهو العزيز } الغالب المتفرد، المنيع ساحة عزته عن الاحتياج إلى غيره مطلقا، فكيف إلى الزجة والولد { الحكيم } [النحل: 60] المتصف بكمال الحكمة المتقنة، كيف يختار لذاته ما لا يخلو عن وصمة النقصان؟!.
ثم قال سبحانه: { ولو يؤاخذ الله } الحكيم المتقن في أفعاله { الناس } الناسين عهود العبودية على مقتضى عدله وانتقامه { بظلمهم } ومعاصبهم الصادرة عنهم دائما { ما ترك عليها } أي: على وجه الأرض { من دآبة } أي: ذي حركة تتحرك عليها؛ إذ ما من متحرك إلا وينحرف عن جادة العدالة كثيرا { ولكن يؤخرهم } ويمهلهم على مقتضى فضل وحكمته ولطفه { إلى أجل مسمى } أي: سماه الله وعينه في علمه لموتهم { فإذا جآء أجلهم } المسمى المبرم المقضى به { لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [النحل: 61] أي: لا يسع لهم الاستئخار والاستقدام، بل لا بد أن يموتوا فيه حتما مقضيا.
{ و } من خبث باطنهم { يجعلون } وينسبون { لله } المنزه عن الأنداد والأولاد { ما يكرهون } مايستقبحون لنفوسهم، وهو إثبات البنات له سبحانه { و } مع ذلك { تصف } وتقول { ألسنتهم الكذب } تصريحا وتنصيصا { أن لهم الحسنى } أي: بأن لهم المثوبة العظمى، والدرجة العليا عند الله، بل { لا جرم } أي: حقا عله وحتما { أن لهم النار } أي: جزاؤه مقصور على النار، مخلدون فيها { وأنهم مفرطون } [النحل: 62] ي العذاب، مقدمون على جميع العصاة والطغاة الداخلين في النار، المجزين بها؛ لاستكبارهم على الله ورسله.
Bog aan la aqoon