Tafsirka Cabdulqaadir Jeylaani
تفسير الجيلاني
Noocyada
{ قل } لهم يا أكمل الرسل على مقتضى مرتبة النبوة؛ تهييجا لهم وتحريكا على استعدادهم وقابليتهم: { انظروا } أيها المجبولون على النظر والتأمل { ماذا } أي: أي شيء وذات ظهر بجسب أسمائه وصفاته { في السموت والأرض } أي: العلويات والسفليات والغيوب والشهادات { و } إن كان { ما تغني } وتكفي { الآيات } الدالة على وحدة الذات المتجلي في جميع الكوائن والجهات { والنذر } المبين للآيات، المنبهين على مدلولاتها { عن قوم لا يؤمنون } [يونس: 101] أي: لم يتعلق إرادة الله بإيماهم وتوحيدهم وعرفانهم.
{ فهل ينتظرون } أي: ما ينتظرون أولئك المتمردون على الإيمان { إلا مثل } ما وقع على أمثالهم من الخسف والكسف والغرق وغير ذلك من المعايب التي وقعت في { أيام } المشركين { الذين خلوا } ومضوا { من قبلهم } فإن عارضوا معك بمثل ما عارضت معهم مثل ما سلف من أسلافهم مع أنبيائهم ورسلهم { قل } لهم تبكيتا وإلزاما: { فانتظروا } لمقتي وهلاكي { إني معكم من المنتظرين } [يونس: 102] لكن لمقتكم وهلاككم، فالأمر بيد الله وقبضة قدرته ومشيئته.
{ ثم } بعدما أهلكنا الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل وإصرارهم على الكفر والشرك { ننجي } مما أصابهم { رسلنا } الذين أرسلناهم إليهم { و } ننجي أيضا { الذين آمنوا } بنا وصدقوا رسلنا وانقادوا بما جاءوا به { كذلك } أي: مثل إنجائنا إياهم { حقا علينا } تفضلا منا وامتنانا على عبادنا { ننج } جميع { المؤمنين } [يونس: 103] المنقادين لرسلنا المتدينين بديننا، على ذلك جرت سنتنا.
{ قل } يا أكمل الرسل للمتردين في أمرك ودينك المتمردين عن إطاعتك وانقيادك: { يأيها الناس } المجبولون على الغفلة والنسيان { إن كنتم في شك } وريب { من ديني } الذي هو أسد الأديان وأصحها وأشملها وأشرف الملل وأكملها؛ إذ هو مرجع كل الأديان كما هو مبدؤه؛ لابتنائه على توحيد الذات التي اضمحلت دونها جميع الكثرات، ومع ظهور فضله وكماله ووضوح حجته وبرهانه وعلو شأنه أنتم تشكون فيه فأنا أحق أن أشك فيما أنتم عليه وعبدتم إليه { فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله } لقصورهم عن المعبودية وعدم استحقاقهم للألوهية والربوبية { ولكن أعبد الله } الواحد الأحد الصمد { الذي يتوفاكم } أي: أعدمكم ومعبوداتكم بعدما أظهركم وإياهم من العدم { وأمرت } من عنده { أن أكون من المؤمنين } [يونس: 104] الموقنين لتوحيده المناقدين لحكمه.
{ و } أيضا أمرت من عنده { أن أقم } واستقم { وجهك } أي: بوجهك الذي هو يلي الحق { للدين } الذي أنزل إليك لإصلاح حالك حال كونك { حنيفا } مائلا على جميع الأديان الباطلة والآراء الفاسدة { و } بالجملة: { لا تكونن } بعدما ظهر عليك حقية دينك { من المشركين } [يونس: 105] الذين يدعون الوجود لغير الله ويشركون معه سبحانه وتعالى عنادا ومكابرة.
[10.106-109]
{ و } متى عرفت حقيقة الحال وظهر عندك حلية المقال { لا تدع من دون الله } الواجب وجوده { ما لا ينفعك } من الموجودات الباطلة والأضلال الزائلة { ولا يضرك } أيضا؛ إذ لا أثر لها من ذاتها ولا وجود لها من نفسها { فإن فعلت } وادعيت وجود غير الحق { فإنك إذا من الظالمين } [يونس: 106] الذين يظلمون على الله بادعاء الوجود والأثر لغيره.
{ و } كيف تدعي وتثبت لغيره وجودا وأثرا { إن يمسسك الله } الرقيب عليك ويصيبك { بضر } يسوءك ويحزنك { فلا كاشف له } ولا يدفع عنك ضرره { إلا هو } إذ لا شيء سواه ولا إله إلا هو { وإن يردك بخير } يسرك تفضلا عليك وامتنانا لك { فلا رآد } ولا دافع { لفضله } عنك { يصيب به } أي: بالفضل والحسنى { من يشآء من عباده و } ولا يمنع فضله جرائمهم وعصيانهم؛ إذ { هو الغفور } لذنوبهم بعد استغفارهم ورجوعهم { الرحيم } [يونس: 107] عليهم يقبل توبتهم ويتجاوز عن سيئاتهم.
{ قل } يا من بعث لكافة البرايا وأرسل إليهم بالتوحيد الذاتي الذي ختم به أمر التشريع والإرسال والإنزال، بلغ إليهم ما جئت به من ربك، مناديا عليهم ليقبل بقبوله: { يأيها الناس } المكلفون بالعبادة والعرفان { قد جآءكم الحق } الصريح { من ربكم } وهو الإسلام المبين لشعائر المعرفة والتوحيد { فمن اهتدى } بالإسلام إلى التوحيد { فإنما يهتدي لنفسه } ويكتسب الهداية لها ونال ثوابها إليها { ومن ضل } ولم يهتد بنور الإسلام { فإنما يضل عليها } ويقترف الضلالة لنفسها، فعاد وبالها عليها، قل لهم أيضا: { ومآ أنا عليكم بوكيل } [يونس: 108] حفيظ، كفيل لأموركم ضمين لها، بل ما أنا إلا بشير ونذير أبلغكم ما أرسلت به، فلكم الخيار وعليكم الاختيار.
{ واتبع } يا أكمل الرسل { ما يوحى إليك } من ربك وامض عليه، وبلغ الناس { و } لا تبالي بإعراضهم وتكذيبهم، بل { اصبر } على أذاهم وتحمل مكروهاتهم، ولا تفتر عن دعوتك إياهم { حتى يحكم الله } المتولي لأمورك بنصرك وغلبتك عليهم بالقتال وبنسخ دينك جميع الأديان وينشره في جميع الأقطار { وهو خير الحاكمين } [يونس: 109] إذ هو مطلع على سرائر الأمور وخفاياها، قادر على جميع الانتقام لمن أراد مقتك وأعرض عنك.
Bog aan la aqoon