والسوادية واحد بالعدد. وأما الجسمية فهى معنى محصل له وجود مشار إليه يتحقق فى نفسه يصح أن تترادف عليها صور مختلفة ، والسواد والبياض هما نفسا اللون ، والخط والسطح هما نفسا المقدار ، والإنسان والفرس هما نفسا الحيوان. وليس كذلك النارية والهوائية فليستا هما نفسا الجسمية. ويجب أن تعلم أنا إذا قلنا ناطق معناه قوة لها نطق ، وتلك القوة يصدر عنها مع النطق أفعال الحياة. ولما كانت أفعال الحياة منبعثة من قوة الفرس صارا مشتركين فى هذا المعنى وهو الحيوانية ، لأن الحيوان معنى يلزمه النطق أو غيره ، بل الحيوانية من لوازم الناطق. وأما فى الجسم فإن الجسمية معنى وهو الاتصال العارض للهيولى خارجا عن الهيولى. ولا يصح أن يوجد جسم إلا متقدرا بمقدار معلوم ، لا أن تكون الجسمية من لوازم المقدارية كما كانت الحيوانية من لوازم الناطق. بل وجود المقدار للجسمية كالسواد لصورة الجسمية فى أن كل واحد منهما خارج عن الموجود منه ، والجسمية معنى محصل والصورة الجسمية من وجه هى للمادة لأنها قائمة بها.
الاتصال هو الصورة الجسمية. وليس يخالف جسم جسما فى الصورة الجسمية ، وقد يتخالفان فى المقدار وغيرها.
سياقة البرهان على هذا أن المعانى التي تنضاف إلى الجسمية ووجودها غير ذاتية لها ، فليس تختلف بها الجسمية فى معانيها الذاتية. فليس يخالف جسم جسما فيها فى أنه جسم وفى أحواله من حيث الجسمية. فليس يجب إذن أن يكون جسم محتاجا إلى مادة وجسم غنيا عن المادة.
** طبيعة الإنسان
بأشخاصها الكائنة الفاسدة. وأما طبيعة هذا الإنسان فإنها كائنة فاسدة ، وكذلك طبيعة كل واحد من العناصر مبدعة غير كائنة ولا فاسدة وهى مستقلة بأشخاصها. وأما طبيعة هذه الأرض من حيث هى هذه الأرض فإنها كائنة فاسدة.
** الهواء
فإذا كان فى حيز الهواء انحدر على استقامة حركة مسامتة إلى الموضع الذي يسامته من الأرض ، وهذه الحال هى المناسبة الوضعية. وكذلك الماء إذا تصعد بخارا فإنه يرتفع على استقامة حركة إلى ما يسامته من الهواء إلا أن يكون معوقا عن ذلك بعائق وهذه هى المناسبة الوضعية. وإنما اختص كل واحد منهما بذلك الموضع الذي حصل فيه للنسبة بينه وبين ذلك المكان ، وهى النسبة الوضعية.
Bogga 56